الهجن

التاريخ: 2017-01-04
البدو الرحّل
حضور البدو الرحل
مشاهد من عناء الأمس ورفاهية اليوم

حوار: حمود بن سالم الريامي.
مشاهد جميلة تجسّدت في الماضي وما تزال مستمرة إلى يومنا هذا،لم تخلُ من التغيير،يوميات جميلة في بيئة طبيعية، القناعة أساسها، والبساطة عمادها، والصبر سر نجاحها. حديثنا في هذه الأسطر يتناول جانباً مهما من بيئتنا العمانية التي شكلت تنوعاً في موائله الغنية بتاريخ ضارب منذ القدم (أصايل) اقتربت من مشهد حضور البدو الرحل، الذين يستعدون لفترة القيظ والانتقال من ولاياتهم الساحلية إلى الولايات القريبة منهم؛ لقضاء مدة كانت تصل إلى ثلاثة أشهر مرتبطة بفترة جني ثمار النخيل، ومن ثم تخزينها وحملها إلى مناطق سكناهم الأصلية؛ لتكون قوتاً لهم خلال فترة شتائهم القارص.
لقمة العيش
في يوم من أيام شهر يونيو القاسي بحرارته الشديدة، ووسط صحراء قاحلة من صحارى ولاية المضيبي بمحافظة شمال الشرقية التقينا غنية بنت سعود بن محمد النهدية، صاحبة العقد الثامن من عمرها، حيث وصفت لنا تلك الفترة من الزمن قائلة: كنا أطفالاً نأتي بصحبة أهلنا من ولاية محوت إلى ولاية المضيبي وتحديداً بلدة لزق، تاركين خلفنا أجواء معتدلة وجميلة خلال فترة الصيف الحار؛ من أجل لقمة العيش،نرتحل على ظهور الجمال والحمير لكي نحضر، وهذه الكلمة تعني (الحضور)أيالإتيانإلى هذا المكان، وكذلك تعني التواجد في بلاد ( الحضر ) وهم المتحضرون عكس كلمة ( البدو ) الذين يعيشون في البادية، حيث تستغرق هذه الرحلة الشاقة التي نحمل فيها الماء على رؤوسنا في بعض الأحيان داخل قرب وأوعية جلدية كالسعن وغيرها من 10 إلى 15 يوماً.
عمل جماعي
وأضافت النهدية: نتواجد فترة القيظ وجداد المبسلي داخل القرية وفي أماكن زراعة النخيل، حيث نشارك أصحاب النخيل هذا العمل الجماعي من خلال فصل ثمار النخيل ( البسور) ونأخذ نصيبنا منها،أيضا نقوم بعملية التقاط الثمار الساقطة على الأرض، ونقوم بتجميعها طوال فترة القيظ، ثم ننتقيها بعناية شديدة ونخزنها في أغلفة سعفية خاصة مثل ( الخصفة )؛ لتصبح على شكل ما يسمى ( الجراب ) ونقوم ببيعها ونشتري الأرز والبُن والمستلزمات الأساسيةالأخرى، حيث تتم عملية البيع في بلدة القريتين التابعة لولاية إزكيفي محافظة الداخلية.
طريقة العيش
وعن طريقة العيش تقول النهدية: كنا نجلب الماء من مسافات طويلة على رؤوسنا، سواء من الأفلاج أوالآبار الموجودة، ثم نعمل على طهي الطعام في عريش مصنوع من سعف النخيل نستظل وننام تحته،ونأكل اللحم والحليب الطازج؛ لأن أغنامنا ترحل معنا، وتكون حاضرة بجوارنا، كما يتوافر لدينا في بعض الأحيان العُوال وسمك المالح، وحقيقة الأمر في بعض الأحيان لا يتوافر لأسباب ضيق العيش في تلك الحقبة من الزمن.
عادة متأصلة
وحول حضور البدو هذه الأيام تقول النهدية: فرق شاسع وكبير بكل ما تحمله الكلمة من معنى بين حضور الأمس وحضور اليوم، فلولا أنها عادة تأصلت فينا لتركنا الحضور؛ لأن أسباب العيش أصبحت سهلة وميسرة بفضل وجود كافة الوسائل من نقل واتصالات وغيرها، وهذا يعود إلى منة الله تعالى علينا، ومساعي مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ الذي عمل على توفير أسباب العيش الكريم لأبناء شعبه في كافة ربوع عمان من أقصاهاإلىأقصاها، داعين الله تعالى أن يمد في عمره ويحفظه لعمان بلداً وشعباً إنه مجيب الدعاء.
موسم القيظ
كما التقينا غبيشة بنت علي بن سالم الوهيبية في عقدها السادس من العمر، حيث قالت: نأتي للحضور من ولاية مُحوت لنستقر بنيابة سناو بولاية المضيبي، وهناك نقوم بالعمل ذاته من خلال التواجد في موسم القيظ والعمل فترة جداد المبسلي ونأخذ نصيبنا منه ونأكل جزءا منه والباقي نجففه ونضعه في ( جربان ) مفرد ( جراب ) وننقله معنا أثناء فترة عودتنا إلىمُحوت بعد انتهاء فترة القيظ.
المرأة والطفل
وعن المرأة والطفل تحدثنا الوهيبية قائلة: المرأة شقيقة الرجلتساعده في كافة مناحي الحياة يتقاسمان الحلوة والمرة معاً، وللمرأة خصوصيتها في زينتها حيث تستخدم الكحل والزعفران ونبات الشورانة والصندل وغيرها من أجل التطيب والتجمل، فتضعه في مناطق معينه من رأسها ووجهها، حيث إن جميع هذه المواد طبيعية؛ لذلك لها فوائد عديدة في إراحة النفس وتقوية البصر، أما الطفل وعند ولادته نأتي بحصى صغيرة نلتقطها من الأرض تسمى ( خرزه ) نثقبها ونعلقها في رقبته وتكون له مثل الحرز عن الحسد ولا يتم نزعها إلا بعد ختانه.