التراث

التاريخ: 2016-11-01
مضيرب.. تراث وأصالة

إعداد: رباب سلمان
 المضيرب هي من أهم وأقدم القرى في منطقتها والتابعة لولاية القابل، وتقع على الشارع العام بين مسقط وصور. تتميز هذه القرية بطابعها المعماري القديم وبيوتها الأثرية الرائعة ذات الفن الزخرفي العماني الفريد وقد انعكس ذلك الطابع على المباني الحديثة التي اقامها مواطنوها تمسكا منهم بالتراث للمحافظة عليها كنموذج مثالي متكامل لقرى الريف العماني الجميل. المضيرب تعني المكان المنخفض من الأرض ولعل موقعها الذي تحده الجبال من جميع الجهات ساعد على تسميتها بهذا الاسم والمضيرب تصغير مضرب الذي هو مفرد مضارب والمضارب هي منازل القوم أو الجيوش التي تضرب سرادقها لغرض الاستقرار الدائم أو المؤقت.
معالم المضيرب اثرية
يندر أن تجد قرية عمانية تجمع بين ارجائها عددا يقدر بحوالي 50 موقعا اثريا رائعا بمدينة المضيرب وهذا مما يجعلها محط انظار السائحين سواء من داخل السلطنة أو خارجها وعابري الطريق بين مسقط وصور وقد ألهمت مبانيها وابراجها الكثير من الفنانين الذين تصادفهم بين تلالها يرسمون لوحاتهم الزيتية أو يلتقطون الصور الفوتوغرافية ويكاد لا يخلو أي معرض يقام على أرض السلطنة للصور أو الرسومات من بعض أروع الصور عن هذه القرية العريقة، وتعتبر بحق مركزا سياحيا في منطقة شمال الشرقية لتوسطها بين ولايات ابراء والمضيبي وبدية ووادي بني خالد ومن أهم المعالم الأثرية التي تشتهر بها: الحصن الشرقي وسمي بهذا الاسم لوجوده في قمة الجبل بالجهة الشرقية من المضيرب، وبيت سعيد بن محمد وهو عبارة عن بيت كبير مبني من الجص يتألف من طابقين وينقسم إلى عدة اروقة، وبيت البرج وهو مجلس كبير اعاد بناؤه المشايخ أولاد حميد ويلتقي به سكان القرية صباح العيد لتبادل التهاني، وقلعة الخناجرة وتتوسط الحي القديم وتعتبر من اضخم القلاع في المنطقة، والبيت العود وهو منزل كبير مبني من الجص ويتوسط الساحة الرئيسية للبلد ويتكون من طابقين ويمر الفلج بداخله، وسبلة المحارمة وهي مجلس ضخم عالي السقف ويتميز بنقوشه الرائعة ومن بين المعالم أيضا بيت الجبل، وحوش مالك وبيت سعيد بن علي الدغيشي، وبيت المسارير وبيت سالم بن عمير المعمري.
مجالس عامة
الكرم وحسن الضيافة من سمات أهالي هذه القرية منذ القدم ولعل اعظم برهان على ذلك هو انتشار المجالس العامة التي تعتبر رمزا للكرم والضيافة وملتقى للجماعة اليومي وفيها تدور الاحاديث التي تهم القرية أو القبيلة ويتم تبادل الأخبار فيها وتكون اشبه بالاندية الاجتماعية أو الديوانيات حاليا واشهرها سبلة الخناجرة وسبلة المحارمة وسبلة بيت البرج وسبلة بيت الجبل وسبلة حوش مالك وسبلة السمرات وسبلة الدغشة وسبلة الغيوث وسبلة دبيك وسبلة العريق وسبلة الشوار وسبلة كشام وسبلة المسارير وسبلة محيسن وجميعها مجالس عامة رمم بعضها واعيد بناء الآخر.
علم وثقافة
يحيط بالمضيرب قديما سور متصل بالجبال المحيطة بها ومفتوحة من جهة النخيل فقط وقد تهدم جانب من سورها المحكوم بأربع بوابات وهذه البوابات تسمى (دراويز) ومفردها (دروازة) وهي: دروازة كشام، ودروازة قرضوب، ودروازة الغيوث، ودروازة كنيشة. واهل المضيرب يحبون العلم والمعرفة والثقافة ويندر ان تجد فيها (اميا) وقد انعكس اهتمامهم بالعلم والثقافة على الشهرة الكبيرة لمعاهدهم الأولى والتي تتمثل في (السبلة) ومن خلال ما تشتهر به من الكم الهائل من المساجد والتي هي اقرب إلى المعاهد العلمية وقد تخرج منها العديد من العلماء والمشاهير والمؤلفين والادباء. وقد اشتهر أهالي المضيرب منذ القدم بالفروسية حيث اهتم أهالي هذه القرية باقتناء الخيول العربية الأصيلة وتربيتها كما اشتهرت بذلك ولاية القابل عموما وعليه أصبح شعارها (الخيل والفروسية) ولا تنحصر مهمة الخيل على ميادين الاستعراض والسباقات التي كانت تقام كل أربعاء بالمضيرب بل كان للفروسية معان أخرى وقيم اخلاقية.
تشتهر المضيرب بالزراعة وممارسة بعض الصناعات التقليدية مثل صناعة الخناجر وصياغة الذهب والفضة وصناعة الحلوى العمانية وفن النحت على الخشب والصناعات السعفية المتنوعة وغيرها من الصناعات التقليدية والتي كانت وما زالت مصدر رزق لسكان هذه القرية ويعتبر النخيل التي تشتهر بها هذه القرية المصدر الأساسي لاجود أنواع البسور التي تصدر للخارج وبها تشتهر أيضا نخلة (الزبد) التي صارت محور عدد من المطارحات الشعرية مؤخرا وقد صدر فيها ديوان شعر مستقل يؤكد جودتها بين النخيل في عمان كما توجد بالمضيرب نخلة (الصليب) التي تنفرد بها تماما. وبالإضافة إلى النخيل توجد فيها الحمضيات وبعض الفواكة مثل الزيتون والرمان والمانجو والبطيخ والشمام وغيرها من الفواكة والخضراوات. وتروي هذه المزروعات عن طريق الفلج ويشتهر فلج المضيرب بأنه لا ينضب حتى في أسوأ الحالات من المحل وينقسم فلج المضيرب داخليا إلى قسمين ويطلق عليه بعضهم اسم (الداؤدي) نسبة إلى النبي داؤود الذي يعتقد أن في عهده شقت بعض الافلاج العمانية وينقسم الفلج من الناحية الزمنية إلى ثمان عشرة (بادة) وهي وحدة قياس زمنية، وللفلج نظام خاص لا يعرفه الا بعض المتمرسين ومنها المزولة الشمسية وتسمى (الخشبة) وتستخدم نهارا ومنها النجوم بالليل التي ترصد من مسجد الحساب.
تطور وعمران
حظيت مدينة المضيرب كغيرها من المدن العمانية بنصيب وافر من منجزات النهضة المباركة حيث عمت الخدمات التنموية جميع المواطنين وأصبح يتمتع المواطن في ظل النهضة المباركة بقيادة السلطان قابوس بن سعيد بسبل العيش الكريم وينعم المواطن في هذه القرية بخدمات الكهرباء والمياه والاتصالات والطرق الحديثة المعبدة حيث يوجد بهذه القرية محطة الكهرباء التي تمد الكهرباء إلى هذه القرية وغيرها من الولايات المجاورة.
هبطة المضيرب
هبطة المضيرب تعتبر آخر هبطات الاعياد في المنطقة التابعة لها هذه القرية وتقام مرتين في العام الواحد إحداهما في الثامن والعشرين من شهر رمضان المبارك والأخرى في اليوم الثامن من شهر ذي الحجة، وتشهد هذه الهبطات إقبالا كبيرا من الباعة والمتسوقين ليس لانها تتمتع بشهرة كبيرة على مستوى المنطقة الشرقية فحسب بل لانها تقام على اعرق الاسواق وهو سوق المضيرب القديم ذو الطابع التاريخي والذي يقصده التجار قديما من جميع ولايات المنطقة، وما تتميز به هذه الهبطات من إقامة السباقات التي تتزامن مع هذه الهبطات سواء كانت في مجال سباقات العرضة للخيل أو سباقات الهجن والتي يحرص الجميع على حضورها.