الرئيسية

التراث

صناعات حرفية

صناعات حرفية

التاريخ: 2019-02-01
زخارف الأبواب الخشبية

تنطلق أهمية النقوش والزخارف الخشبية التقليدية في محافظة الشرقية؛ لكونها أعطت صورة صادقة وحقيقية لانتماء الإنسان المحلي لهذه الأرض، والتصاقه ببيئته وحبه لها، كما أنها حملت في مضامينها رموزا ودلالات فنية أصيلة، ارتبطت بشكل واضح بالخصائص والسمات العامة للفنون والزخارف الإسلامية، والتي تركز في مجملها على أمرين أساسيين، أولهما: استلهام موضوعات ذات طابع محلي، والثاني: صياغة تلك الموضوعات والعناصر بأسلوب فني هندسي، ويغلب استخدام الأسلوب الهندسي على مجمل النقوش والزخارف الخشبية، ولقد استخدم الحرفيّ أدواته البسيطة في رسم تلك الزخارف وتخطيطها، مثل: القوني (أي الزاوية) والفرجار، واعتمد بها على إنشاء الأشكال الهندسية المعرفة: كالدائرة، والمربع، والمعين، والتي تتداخل مع بعضها وتتوالد في نسق فني بديع يتناسب شكله وحجمه مع المكان الموجود فيه. أما عن الزخارف ذات التفريعات فعادة ما تكون لدى الحرفيّ أشكال ووحدات زخرفية جاهزة مفرغة على قطعة معدنية أو كرتون؛ لأجل حفظ هذه الأشكال، وسهولة استخدامها وتكرارها بشكل متطابق، غير أن بعض الأساتذة الكبار يعتبرون هذه الأساليب غير مناسبة لهم ولقدراتهم، فهم يفضلون النقش مباشرة بواسطة المنقر دون الحاجة للرسم، أو تخطيط الأشكال والرموز الزخرفية.
وبرزت مجموعة من الأشكال والرموز الزخرفية، التي اعتاد الحرفيون على نقشها، وتجميل الأبواب الخشبية بها. كما انتشرت بينهم مسميات وألقاب تميّز كل نقشة عن الأخرى، ولعل البيذانة هي أشهر العناصر وأكثرها استخداما في النقوش الخشبية والقوالب الجصّـيّة أيضا، وسميت كذلك لقربها من شكل ثمرة (البيذان)، وتسمى أحيانا (هيلة)، وهي ذات شكل مدبب عند الأطراف ومنفوخ في الوسط، ويتم عملها بواسطة الفرجار، وعرفت منها البذانة الرباعية، والخماسية، والسداسية، والاثنا عشرية بحسب عدد البراعم الداخلية لها، والبيذانة عنصر جميل ومرن يمكن تحريكه في عدة اتجاهات داخل الدائرة أو المربع، كما أنه من العناصر الزخرفية التي عرفت منذ القدم عند بعض الشعوب، فقد استخدمه قدماء المصريين بما يشبه نظام الخرزات إلى جوار بعضها في التوابيت، والتي كانت تغطي صدور الموتى.
وللطبيعة تأثير واضح في نفسية الحرفيّ، وفي الأشكال والعناصر الزخرفية، التي استقاها من الطبيعة المحيطة من الأشجار والمزروعات، ووظفها بأنماط زخرفية بديعة، وتأتي في مقدمتها شجرة النخيل المباركة، والتي لعبت دورا عظيما في حياة الآباء والأجداد (من المهد إلى اللحد)، فكان الوفاء من قِبل الفنان الشعبي بمحاكاته إياها في نقوشه الزخرفية، أقل تعبيرا منه عن حبه، وتأثير منظرها البديع في نفسه، قال تعالى: « والنخل باسقات لها طلع نضيد « سورة ق/10، وجاء التعبير عن النخلة وسعفها بأشكال متعددة، ومن الرموز والعناصر الزراعية التي استخدمها الحرفي الشعبي أيضا ورقة التين، بشكل ورقة مفرودة تتوسطها خرزة دائرية بارزة تزين خشب الباب، كذلك نجد بعض النقوش التي استُخدمت فيها شجرة الرمان وثمارها، وهي من النقوش الخشبية المميزة.