التراث

التاريخ: 2019-02-01
ببيت القفل "عمارة فريدة وتصميم مذهل"

رباب سلمان
ينتشر هذا النوع من البيوت بمحافظة مسندم، ويمثل بيت القفل نوعاً خاصاً من العمارة يدلعلى مدى براعة الإنسان العُماني القديم في التأقلم مع ظروف الطقس والحياة، وكيف طوّع الطبيعة من حوله لتناسب احتياجاته واحتياجات أسرته، ويتم بناء هذا البيت في البداية من خلال حفر الأرض لمسافة لاتقل عن متر واحد، ومن ثم يتم وضع جرار فخارية كبيرة؛ وذلك لتخزين التمور وبعض المؤن لفصل الصيف القاسي في هذه الجبال، وذلك قبل البدء ببناء هذا البيت كون مدخله الصغير لن يسمح سوى لشخص واحد بالدخول زحفاً (تقريباً)، ومن ثم يبنى هذا البيت من الحصى (وهي صخور الجبال)، ومن ثم يعمد لسقفه والذي يكون عادة من جذوع شجر السدر أو السمر واللتب المغطى بخلطة من الطين وبعض أنواع الحجارة بحيث يشكل طبقة عازلة عن الرطوبة والأمطار والحرارة القاسية.
ما يميز بيت الإنسان العماني بمحافظة مسندم وتحديدا المناطق الجبلية العمارة الفريدة من نوعها في البناء والتصميم، بحيث سمي ببيت القفل ويعتبر من البيوت الأثرية القديمة بالمحافظة يتناسب بناؤها مع ظروفهم ومعيشتهم واحتياجاتهم، وتظهر فيه البراعة والتميز واختيار المواد المناسبة والمواقع الآمنة في الارتفاعات؛ تجنبا لمخاطر السيول والأودية ومناطق الانهيارات الصخرية.
وفي وقتنا الحاضر يوجد بيت القفل بالقرى المتناثرة في جبال المحافظة وبأعداد متفاوتة بين قرية وأخرى، وأكثر أعداد تلك البيوت مجتمعة في رأس الجيب بقرية الرحيبة بولاية خصب، كما أن بيت القفل فرض نفسه ضمن المعالم السياحية البارزة بالمحافظة،وتمّ بناء نموذج منه في حصن خصب؛ ليتعرف عليه السيّاح عن قرب.
ويعتبر بيت القفل لسكان جبال مسندم في القدم مأوى وملجأ لهم ولأسرهم ومخزنا لطعامهم وأمتعتهم يسكنون فيه في فصل الشتاء، ويحفظون في الخرس أو الأواني الفخارية ما استطاعوا إليه سبيلا من التمور والحبوب، ولهذه الجرار ميزة خاصة كونها أكبر من مداخل البيت؛ لذا يتم وضعها في المرحلة الأولى قبل بناء المنزل لأنه من المستحيل إدخالها أو إخراجها عبر الباب؛ لكبر حجمها.
ويمتاز بيت القفل بتصميم بنائه ومتانته ما يجعله ملاذا آمنا ومناسباً في ظل الظروف الطبيعية والجغرافية الوعرة وعوامل الطقس المتغيرة في المنطقة.
 يتكون المنزل غالبا من غرفة واحدة تكون على شكل مستطيل وبقياسات مختلفة مبنية من الصخر المتوفر في موقع البناء، ويكون الصخر الأحمر هو السائد في بنائه المسمى محليا (الصفاة)، وفي بداية عملية البناء يتم حفر حفرة بالأرض على قياس الغرفة المراد تشييدها وبعمق لا يقل عن متر واحد أو بالتجويفات الصخرية والكهوف.
وتوصد الصخور على شكل طبقات متساوية ويتفاوت حجم الصخور بقطرها بين 0،5 متر إلى 1،5 متر في بعض الأحيان، ويتم عمل فتحات صغيرة للتهوية وفتحة للباب بقياس متوسط واحد متر، وغالبا ما يكون الباب من خشب السد، ويثبت بطوق من حديد؛ لتزداد متانته وقوته وتأمينه.
أما بالنسبة للسقف فيتم استخدام جذوع شجر السد أو السمر، وتوضع فوقه صفائح من الصخور وتمتد أطرافها خارج حدود الجدار وتسمى (قشاع)، وتغطى بورق أشجار (السخبر) وهذا الشجر يمتاز بحماية البيت، وجذوع الشجر من النمل الأبيض والحشرات، ومن ثم توضع عليه طبقة من طين.
يمتاز بيت القفل بسرية فتحه، حيث لا يعرف فتحه إلا صاحب البيت فقط، ويكون بأكثر من طريقة وأداة لقفل الباب منها ما يسمى (المزلاج)، ويكون من الداخل ويستطيع صاحب البيت فتحه وغلقه من الخارج بطريقة يستخدم خلالها ما يسمى (العلق) وهي عبارة عن قطعة معدنية طويلة تكون بمقياس وانحناء معين وتكون مقوسة يتم بها تحريك المزلاج من خلال فتحات بالمزلاج معروفة العدد وموقعها لصاحب البيت فقط.
أما الأداة الثانية فتسمى بالمكذبة وذلك بوضع قطعة خشبية أسفل الباب من الداخل وتكون مستقرة في حفرة تحت الباب مباشرة ويظهر جزء منها للأعلى لمنع فتح الباب، ويقوم صاحب البيت بتحريك وإخراج تلك القطعة الخشبية من الحفرة بطريقة لا يعرفها إلا صاحب البيت بواسطة عصى بطول معين مربوطة بحبل وهو السر في فتح وقفل البيت ولهذا نسب له مسمى (بيت القفل) وتميز به.