التراث

التاريخ: 2018-02-01
حصن السنيسلة الأثري

على بعد قرابة 300 كم جنوب شرق العاصمة العمانية مسقط، تقع مدينة صور البحرية التي تعد من أشهر السواحل العمانية عبر التاريخ والتي كسبت سمعة عالمية في وقت من الأوقات، حين كان العمانيون أسياد البحر ووصلوا بتجارتهم إلى أقاصي الأرض، على شاطئ هذه المدينة الرائعة وعلى مسافة عشرات الأمتار فقط من البحر يقع حصن «السنيسلة» الأثري الذي بني قبل ما يزيد على 300 عام.
يقف حصن «السنيسلة» شامخاً على هضبة مستديرة الشكل مطلاً على مدينة صور التي يمتهن أهلها ركوب البحر وبناء المراكب، ومن مكانه المرتفع يستطيع من هو داخله مراقبة الشاطئ وحركة المراكب المبحرة منه وإليه، مما يؤكد المهمة الأساسية للحصن كموقع دفاعي عن المدينة، ويقال أن تاريخ هذا الحصن المهيمن والمصمم على طراز أصلي مربع بأبراجه المستديرة التي تقف على أركانه الأربعة، يعود إلى أكثر من 300 عام، وقد استخدمه البرتغاليون أثناء سيطرتهم على هذه المدينة الاستراتيجية، حيث كان من أهم نقاطهم الدفاعية المتقدمة؛ للاستفادة من الأبراج العالية للحصن للحراسة ومراقبة الدخلاء من الجهات كافة والسيطرة عليهم من الأعلى؛ ولذلك تم تصميم البرج بجدران عالية مع فتحات صغيرة مخصصة لرمي الأسلحة، سواء السهام أم الأسلحة النارية التي مايزال بعضها قائماً إلى الآن كشاهد على الأهمية القتالية للحصن .
يبلغ طول الحصن 35 متراً ويصل عرضه إلى 30 متراً، وقد أعيد ترميمه عام 1989 ليأخذ شكله الحالي، ولعل أول ما يلفت الانتباه حين الدخول إليه هي المسافة الكبيرة التي تفصل البناء الأساسي عن السور الخارجي للحصن ولعل أسبابها كانت إضفاء المزيد من الصعوبة لمهاجمي الحصن من الأعداء، بحيث يبقون لمسافة كبيرة دون غطاء تحت رحمة الحراس المتمركزين في الأبراج العالية للبناء، أما الباحة الداخلية لحصن «السنيسلة» فهي تشبه إلى حد كبير بقية الحصون والقلاع المشهورة في السلطنة، لكنها تمتاز بمساحتها الكبيرة مقارنة بغيرها وهي تأخذ شكلها المربع وتتوزع فيها الغرف التي تعددت استخداماتها بحيث تجد السجن الذي كان يحبس فيه الخارجين عن القانون من سكان الحصن، أو أسرى الحروب من الأعداء، كما نجد كعادة الحصون العمانية هناك بناء خاص للمسجد وسط الباحة روعي في تصميمه البساطة الشديدة وعدم التعقيد، فهو مستطيل الشكل يحتل المحراب أحد جدرانه دون زخارف مبالغاً فيها، من جانب آخر نجد غرفة خاصة للوالي ملحقاً فيها ما يشبه المكتبة المليئة بالكتب الدينية ونسخ القرآن الكريم، إضافة إلى ما يمكن تسميته في الوقت الحالي « قاعة الاجتماعات « وهي عبارة عن رواق مستطيل يصل بينه وبين غرفة الوالي باب صغير، وقد زينت جدران الرواق بالأسلحة البيضاء، التي تعود إلى الزمان القديم عندما كانت هي السلاح الذي يذاد به عن حياض الوطن، كما نجد مجموعة من الغرف المخصصة كمخازن للحبوب والغلال والتمور وغيرها من المواد الغذائية التي كانت تشكل الطعام الأساسي للعمانيين القدماء.
ما يلفت الانتباه أيضاً فور الدخول هو الإبقاء على جزء صغير من أحد الأبنية وسط الباحة على حالته الأصلية قبل الترميم والسبب في ذلك حسب حارس القلعة هو تقديم إجابة حقيقية لسؤال السياح عن كيفية بناء القلعة والشكل الذي كانت عليه قبل أعمال الترميم ليستطيعوا المقارنة بين الحالين في الماضي والحاضر واكتشاف آليات العمارة التي كانت متبعة قبل قرون والتي اعتمدت على الصخور والأحجار والطين .