التراث

التاريخ: 2016-05-01
المندوس.. سر الصندوق الخشبي في التراث العماني
اعداد: رباب سلمان
المندوس إحدى مفردات البيئة العمانية الأصيلة، بل لعله أحد أعمدة هذا التراث الخاص بمنطقة الخليج العربي عموماً، لكن العماني منه ذو خصوصية فريدة.
هذا الصندوق الخشبي هو من رموز التراث العربي، حيث دأبت كلٌ من أمهاتنا وجداتنا على اقتنائه في جهازها عندما تنتقل إلى بيت عريسها.
لم تكن الصناديق مصنوعة تستخدم في الحفاظ على الأشياء ونقلها فقط، بل كانت تستعمل عبر العصور للجلوس، أو كطاولات لمختلف الاستعمالات، أو حتى إذا كانت كبيرة بما فيه الكفاية كأسرة للنوم. وقد تشاركت معظم مناطق العالم العربي بهذه الحاجة؛ للحفاظ على الممتلكات ونقلها، حتى أصبح العرب قديماً من أهم مستخدمي ما يُعرف بالصناديق العربية المزينة والمزخرفة، والتي كانت موجودة بشكل كبير في منطقة الخليج العربي، وعلى شاطئ المحيط الهندي أيضا  حيث استقر وتجوّل العرب ومارسوا التجارة عبر تلك المناطق خلال مئات السنين.وبما أن العالم العربي وخصوصاً الخليج،كان خالياً من الأخشاب، كان على العرب إما استيراد هذه الصناديق أو استيراد الخشب لصناعتها.
 استخدامات الصندوق :
كانت هناك أنواع واستخدامات عديدة للصندوق العربي، منها صندوق الداو الخشبي، أو الذي يسمى بصندوق السفينة، الذي يستخدم على السفن لنقل البضائع الحساسة والثمينة .
وهو يتميز بكونه صندوقاً بسيطاً خالياً من المقابض،له ثلاثة أخاديد متوازية حول الغطاء وله جوارير خالية.وهو غالباً ما يعلق بحبال؛ لكي يُثبت ولا يتأرجح بين طوابق السفينة. كما أنه مصنوع من الأخشاب المعشقة بشكل جذاب.
وهناك الصناديق التي تستخدم لنقل الذهب والفضة أو البهارات من بلد إلى آخر،وهي تسمى بصناديق السكر البرتغالية؛ ذلك لأن البرتغاليين هم الذين كانوا يصنعونها ويجلبونها معهم إلى عُمان. وبعد أن انسحب البرتغاليون من عُمان في العام 1650 تركوا العديد منها هناك، وتابع التجار العمانيون استخدامها، إلا أنها أصبحت نادرة جداً الآن، ومما يميزها أقفالها الحديدية الضخمة ومفصلاتها الكبيرة.
 صندوق مزخرف:
 غير أن أشهر هذه الصناديق العربية هو صندوق العروس الخشبي، الذي يحمل تسميات عدة وفقاً للبلد التي يستخدم فيها، فهو يسمى في دول الخليج بصندوق «المهر» أو صندوق «الأمل»، ويسمى في منطقة حوران وبلاد الشام بِصندوق «الست»، وهو يستخدم لوضع أغراض العروس من ملابس، وتحف، وزينة، ومجوهرات، دأبت العروس على توافره في جهازها عندما تنتقل إلى بيت عريسها  وهو عبارة عن صندوق خشبي كبير نسبياً يكفي لوضع حاجيات العروس الأساسية. وكان ينبغي على العروس والسيدة المتزوجة أن تحافظ عليه وتهتم به؛ لأنه ذكرى مهمة وغالية بالنسبة إليها ولزوجها، وكانت السيدات يتوارثنه عن بعضهن البعض، بحيث تورثه الأم لابنتها البكر وهكذا دواليك. وكان يصنع حسب حالة العريس المادية. فكلما كبر حجمه وازدادت زخرفته دل على عظم شأن العروس وعلو مكانتها الاجتماعية، فهي تتباهى به أمام صديقاتها وجيرانها وأهلها  وقديما كانتالعروس تشعر بالفرح عندما تحضر صديقاتها إلى منزلها لمشاهدة جهازها الذي يوضع في الصندوق الخشبي، فعندما تقوم العروس بفتح الصندوق  تقوم والدتها وشقيقاتها بتوزيع الحلوى والهريسة والملبس على الحاضرين.
وهناك أشكال وأنواع مختلفة من صندوق العروس هذا  من أهمها صندوق المهر العُماني الذي بجلبه البحارة من بلاد الهند وزنجبار  وصندوق « الساباط» الذي يستخدم في أنحاء دول الخليج الأخرى.
أما الزينة التي كانت تغطي جميع الصناديق فتتكون من الأنماط التجريدية وشبه التجريدية. ولأن الحضارة الإسلامية لا تشجع استخدام صور الأشخاص والحيوانات  فغالباً ما كانت تزين بالنباتات الأنماط الهندسية المختلفة وحتى الكتابات العربية .
الوقاية من الشر:
ومن مميزات الصندوق العُماني أنه غالباً ما كانت تحفر عليه كلمة سِرّي  إما لأن الصندوق يحتوي على جوارير سرية، وإما لأنه مصنوع في منطقة سراط في الهند. وهو يزين بالمسامير النحاسية؛ لأن الاعتقاد كان سائداً بأن النحاس يقي من الشر  بينما الحديد يجلبه. وكانت الصناديق العمانية تدهن على أغطيتها وجوانبها بلون الزفاف وهو اللون الأحمر  وتتميز مقابض هذه الصناديق بأناقتها بين الطراز الأساسي المربع إلى النحاسي المزخرف الثقيل، بينما تكون مقابض الجوارير الأمامية بسيطة للغاية. وفي الجهة الأمامية من مكان غلق الصندوق هناك قفل نحاسي مربع. وكانت بعض مفاتيح هذه الأقفال تحمل جرساً صغيراً كإنذار على أن أحدهم يعمل على فتح الصندوق دون إذن.