التراث
تزخر مدينة صلالة والمدن المجاورة لها في محافظة ظفار التي تشكل المنطقة الجنوبية من سلطنة عمان بالكثير من الأوابد التاريخية والآثار الإسلامية،والتي تعود إلى فترات زمنية مختلفة، وتعود لبعض الرجال الصالحين الذين كانت لهم بصمات واضحة في تاريخ تلك المنطقة التي عاشوا فيها.
بعيدا عن القبور التي ينسبها الناس إلى بعض الأنبياء، والتي تتميز بالعديد من الأشكال والأحجام الغريبة والعجيبة، والتي أقيمت إلى جوارها المساجد الحديثة، هناك العديد من القبور لبعض الشخصيات الإسلامية العلمية، التي لعبت دورا في الحياة الاجتماعية والسياسية والدينية في المنطقة. ومن أبرز هذه الشخصيات: زهير بن قرضمالشحري، الذي قدم إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، حيث أكرم الرسول صلى الله عليه وسلم وفادته، وكان قبره يعرف عند أهالي مرباط باسم قبر زهير العيدروس، وقبر العلامة محمد بن علي المعروف باسم صاحب مرباط،والمتوفى بمرباط سنة 556 هجرية.
تاريخ العلامة:
ولد محمد بن علي في أرض تريم بحضرموت، ومنها نزح إلى ظفار القديمة في عهد أسرة المنجوي، حيث لقب بصاحب مرباط؛ لأنه سكنها في آخر عمره وهي ظفار القديمة، ويقال أنه قضى فيها 35 عاما وقيل 26 عاما ينشر تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وله اليد الطولى في العلوم الشرعية والعقلية والعربية والتصوفية. وكان كثير الاعتكاف في المساجد لا سيما المسجد الجامع بمرباط، الذي بناه وخطه بيمينه.
وكان يعطي الكثير من الصدقات للكثير من العائلات المحتاجة بحضرموت وظفار، كما كان يوزع أكثر أمواله التي جناها من خلال عمله على المحتاجين والضيوف، فكان يعطي العطايا السخية والنعم العظيمة، ويقال أنه كان ينفق على نحو 120 بيتاً.
له رسالة تسمى المكاشفات في غرائب المشاهدات، وحوالي 300 مسألة في الفتاوى الدينية، وكان لصاحب مرباط دور بارز وواضح في ظفار وحضرموت، حيث قام بتحسين العلاقات السياسية والتجارية بين الدولتين المنجوية بظفار، والتي كانت مرباط عاصمتها في ذلك الوقت، والراشدية بداخل حضرموت؛ مما كان له الأثر الطيب في تحسين الأحوال بين البلدين.
وصف الضريح:
كتب على قبره: بسم الله الرحمن الرحيم، لا إله إلا الله، محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا قبر السيد الشريف الحسب السني، قطب الأولياء، وغوث الأصفياء، مطلع الأنوار، ومنبع الأسرار، أستاذ الشيوخ الأكابر، الإمام الأسد الضرغام، جد الأشراف آل باعلوي، المشهور بصاحب مرباط، العارف بالله، مولانا محمد بن علي بن علوي بن محمد بن علوي بن عبيد الله بن أحمد بن عيسى بن محمد بن علي العريضي بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، بعل البتول بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والبناء الذي يضم القبر لا يختلف عن أشكال البيوت القديمة التقليدية التي تطلى بكاملها باللون الأبيض، الذي يعطيها الكثير من الجمالية والجاذبية.
والقبر موجود في المقبرة الكبيرة بمرباط، والبناء الذي يضم القبر تعلوه قبتان مطليتان باللون الأبيض، حولهما على السطح بعض الزخارف اليدوية البيضاء من الطين، والمشغولة بطريقة هندسية تعطي الشكل الخارجي للقبر منظرا جميلا، ويقوم بعض الأشخاص على خدمة هذا القبر.
يرتفع القبر أكثر من متر عن سطح الأرض، وتوجد في البناء بعض النوافذ التي يدخل عبرها الضوء إلى القبر، إضافة لبعض الفتحات الصغيرة الموجودة في الجزء الأعلى من الجدار.
والقبر مغطى بأقمشة ملونة بالأخضر والأحمر والأزرق، وفرش حول القبر السجاد، ويتم إشعال البخور؛ لإبقاء الروائح الزكية في المكان، ولا يزال الآلاف من مختلف المناطق والدول يزورون هذا القبر؛ للتبرك.