التراث
سمهرم هو عبارة عن معلم أثري يقع في محافظة ظفار جنوب سلطنة عُمان وتعني الكلمة (الاسم العالي) أو (السهل العظيم)، وهناك من يرى أن سمهرم اسم قبيلة عربية قديمة قد خلدت اسمها على بوابة المدينة، وقد عرفت بنعوت وأسماء مختلفة، فقد أطلق عليها الرومان بلاد البخور والعطور والقصور، أما الإغريق فكانوا يطلقون عليها اسم البلاد السعيدة، وهناك العديد من التسميات الأخرى، مثل: موشا أو موجا أو موسكا، وبونت، وسمهرم، وميناء البخور والعطور، وخور روري، والاسم الأخير هو اسم الشهرة عند أهل ظفار في عصرنا الحاضر.
تقع مدينة سمهرم في الجهة الشرقية لمدينة طاقة، والتي تبعد حوالي 30 كم عن مدينة صلالة، وتنتشر أنقاض هذا الموقع الأثري على مساحة واسعة من التلال والشعاب المحيطة بوادي خور روري، وما تزال آثار القلعة ماثلة على قمة ترتفع 130 مترا عن سطح البحر عند بحيرة خور روري، التي تتدفق إليها شلالات وادي دربات من ارتفاع ألف قدم مشكّلةً بذلك بحيرات تجري مياهها إلى الخور، ومنه على البحر عبر قناة مختلطة بمياه البحر، حيث إن المدينة كانت في غاية من التحصين يحيط بها برجان أحدهما عند الطرف الجنوبي الشرقي والآخر عند الطرف الشمالي، ويبدو من الصعب مهاجمتهما لوجود بنيان قوي يبلغ عرضه 8 أقدام وارتفاعه من 15- 20 قدم، كما أن مدخل الخور الجنوبي يتمتع بحماية كافية ويصعب اجتيازه؛ لوجود نقاط دفاعية كبيرة وسور حجري مازالت آثاره واضحة للعيان إلى اليوم، وكان ميناء سمهرم من أهم الموانئ المشهورة في جنوب شرق الجزيرة العربية في تجارة اللبان منذ أقدم العصور التاريخية، ويعرف أيضاً بميناء موشكا، والذي تم ذكره في نصين يونانيين يعودان إلى الفترة ما بين القرن الأول والثاني الميلادي.
أهم البعثات الاستكشافية للموقع:
الفريق الأمريكي لدراسة الإنسان، حيث تم العثور في عام 1952م على بقايا من المنحوتات الحجرية، وبعض التماثيل كما اعتبرت بئر القلعة الموجودة هناك بهندستها الرائعة وأحواضها الحجرية من المعالم الأثرية الدالة على الفن المعماري المتميز قديماً، كما يوجد على القمتين الواقعتين على مدخل الميناء بقايا أسوار وجدران محصنة. وقد قامت البعثة الإيطالية بدراسة جيولوجية أثرية في الخور، حيث تقع مدينة سمهرم والمنطقة المحيطة في موازاة وادي دربات حتى قلعة حنون، ويشير التاريخ بواسطة الكربون والأدلة الجيومورفولوجية إلى أن الخور الذي ما يزال موجودا في وادي دربات كان أوسع وأكثر عمقا في الفترات القديمة، هذا إضافة إلى كون مستوى مياه البحر أعلى مما هو عليه اليوم بمترين تقريبا وعليه كان الخور أفضل خليج للنشاطات المرفئية على شواطئ محافظة ظفار. وقد تم من خلال التنقيبات الأثرية لمدينة سمهرم العثور على عدد من المخطوطات، ومعبد قديم، وقطع نقدية وأثرية، تشير جميعها إلى أن المدينة كانت على صلة تاريخية وحضارية بالهند وبلاد ما بين النهرين وبلاد النيل، وكذلك اتضح أن المدينة بنيت بالحجر الجيري، وتميزت بفن معماري جميل، ولها سور وعدة بوابات وأبراج مربعة، وقد تم الكشف عن خمسة نقوش حجرية كتبت بالأبجدية العربية الجنوبية، وهي تصف تأسيس المدينة التي بنيت لتأكيد السيطرة على تجارة اللبان، كما تم الكشف عن آثار معبد قديم شيد في وسط الجانب الشمالي من المدينة، وعثر على جدرانه الثلاثة، وعلى مذبحين ونحت بارز لثور على أحد المذبحين، ومن المعثورات الأثرية الأخرى تمثال برونزي صغير لفتاة تعزف على الناي، وتمثال غير مكتمل لفتاة تعود للقرن الثاني الميلادي، بالإضافة إلى مجموعة من القطع النقدية البرونزية، وختم من البرونز يحمل سطرين من الكتابة باللغة القديمة.