التراث

التاريخ: 2014-10-01
قرية بركة الموز

قرية بركة الموز

تشتعل أفئدتنا عند رؤية إحدى القرى الأثرية، في شوق فينا
نحو الماضي العريق المغمس بالأصالة، حيث عاشت أقوام
حفرت حكايات في كل بيت طيني قديم، هازمةً إبداعات الحاضر
بخجل وحياء، فانتصرت بخلودها على الهندسة المعاصرة،
وخطت تاريخا يحدث عن أنماط حياة مضت دون عودة. «قرية
نيابة بركة الموز » هي إحدى القرى الأثرية القديمة التي تقع
على سفح الجبل الأخضر من الجهة الجنوبية، وتحدها ولاية
نزوى من الجهة الغربية ومن الجهة الشرقية ولاية إزكي. تبلغ
مساحة القرية حوالي 60 كيلومترا، وتحدها قرى عديدة على
أطرافها منها قرية المعيدن وقرية طوي سعدة وقرية طوي
النص ومنطقة الرميلي وعلامة الضهر ومنطقة العوينة.
تنتشر الأودية والشعاب في هذه القرية نظرا لطبيعتها
الجغرافية، وفيها معالم أثرية قديمة جدا ومنها حارة السياني،
وهي إحدى الحارات القديمة. يعود إنشاء هذه القرية إلى الإمام
سلطان بن سيف اليعربي، ولا تزال الآثارات موجودة في القرية
التابعة لهذه الحقبة من عهد حكمه، ثم إن الأمام سلطان
اليعربي أمر بشق فلج بهدف إستغلال المياه دائمة الجريان في
أعلى الوادي وسمي الفلج بالخطمين، واستعان الإمام لحفر 
الفلج بأهالي منطقة الجبل الأخضر وهم قبيلة الفهود
نظرا لخبرتهم في شق الأف اج. يتنوع مناخ القرية تبعا
للسهول المنبسطة والمرتفعات الجبلية والأودية،
وتتساقط الأمطار بغزارة في أوقات متفرقة من السنة،
ويكون الطقس شديد البرودة في فصل الشتاء وحارا
في فصل الصيف.
تتألف القرية من بيوت طينية قديمة جدا بأشكال
مختلفة ولكنها تتلون جميعا بلون الأصفر الترابي. كانت
القرية تضم بضع عائ ات، وتميزت بيوتهم بالبساطة،
واعتمد الطين والخشب كمواد لبنائهم. تتقارب البيوت
في المسافات فيما بينها لتشكل خلية صغيرة، على
تلة في إحد سفوح الجبل. تتميز بيوت الطين في هذه
القرية بأنها عازلة للحرارة في فصل الصيف، 
في يومنا هذا تؤرخ لفترة عاش فيها قوم كرسوا
حياتهم في التعامل مع البيئة للحصول على لقمة
العيش.
يكون بناء البيوت الطينية كما الموجودة في القرية
على شكل عروق أو مداميك من اللبن واستعيض عنها
في وقتنا الحالي بالبلك. أما كيفية بناء تلك البيوت
فهي على الشكل الآتي: بدايةً يتم عجن التراب مع
التبن ويوضع في قالب ليعطيه شكله النهائي، ويكون
القالب عبارة عن أربع قطع من الخشب على شكل
مستطيل ومفتوح من الأعلى والأسفل ويوضع حينها
الطين المخلوط مع التبن بداخله ثم يرفع بعد ذلك
الطين ليأخذ شكله النهائي.

كما يستعمل الطين أيض كخلطة في المباني
لإعطاء تماسك للبن، إضافة إلى استعماله في أعمال
اللباسة ويستخدم بصورة أساسية أيضاً في أعمال
الأسقف وهو مايسمى محليا )بالطمام( ومن المواد
الأساسية المستعملة أيضاً في بنائه )الحجر( ويدخل
الحجر في أعمال الأساسات، كما يشكل على شكل
قطع أسطوانية تسمى )الخرز( في أعمال الأعمدة.
ومن المواد المستخدمة هي )الجص( ويدخل في
أعمال الربط بين الحجارة على الأساسات والأعمدة كما
يدخل في أعمال اللياسة النهائية بشكل جزئي أو كلي
ومنه أيضاً )الجص( لعمل النقوش والأشكال الجميلة
خصوص في المجالس والغرف والممرات والواجهات
الخارجية.

في المقابل للطين حسنات كثيرة اهمها بانه يعدل
الرطوبة اذ يملك خاصية امتصاص رطوبة الهواء الزائدة
بسرعة واعادتها إليه عند الحاجة ما يعني ان نسبة
رطوبة الهواء في بيت مبني بالطين تبقى نحو 05 بالمئة
وهذا يؤمن مناخا صحيا على مدار السنة كما أنه يخزن
الحرارة ويحتفظ بها في ليالي الشتاء، وبالتالي فإن
استعماله يساهم أيضا بالحد من تلوث البيئة.
يستوقفنا أيضا منظر النخيل وجذوعه المائلة، والهواء
يتلاعب بأوراق النخيل آخذا إياه يمينا ويسارا، لقطات
مميزة تسجن في الذاكرة لتضفي إليها شئيا من صفاء
النفس ونقاوة في الروح.