التراث

التاريخ: 2018-05-01
وادي دوكة (موقع إنتاج وتصدير للبان)

وادي دوكة (موقع إنتاج وتصدير للبان)

يقع وادي دوكة في منطقة نجد بعد المنحدرات الشمالية لسلسلة جبال ظفار، ويبعد 35 كم إلى الشمال من مدينة صلالة، ويعد نموذجاً لمناطق نمو شجرة اللبان التي تنتشر في محافظة ظفار، وهو من أهم مواقع إنتاج وتصدير اللبان إلى جانب وادي أنطور ووادي حنون ووبار ووادي حوجر. تجري دراسات لتأهيل وتطوير وادي دوكة للحفاظ على شجرة اللبان في موطنها الطبيعي بالتعاون مع جامعة بيزولورانس، إذ يعتبر محصول اللبان الذي تنتشر أشجاره في هذا الوادي من أفضل أنواع اللبان؛ نظرا لتوفر المناخ الملائم من حيث درجة الحرارة والرطوبة، إضافة إلى وجود التربة الجيرية الكلسية الملائمة لنمو شجرة اللبان. تنمو أشجار اللبان في المنطقة الواقعة خلف الجبال المتأثرة بالأمطار الموسمية، وغالبا في المنحدرات المنخفضة وفي قاع الأخاديد والجداول وبكميات أكثر كثافة على القيعان العريضة للوديان الأكثر حجما. يحتوي اللبان على فوائد عديدة، ويستخدم في الصناعات التجميلية والعطور والأدوية والزيوت والمساحيق، وفي الحياة اليومية والمناسبات الاجتماعية والدينية إلى جانب صناعة البخور أو الدخون الذي تشتهر محافظة ظفار بإنتاجه؛ نظرا لرائحته المميزة. وتقاس جودة اللبان باللون النقي الأبيض المشوب بزرقة، والخالي من الشوائب ويرتفع ثمنه طبقا لهذه الجودة ويقل كلما تغير اللون إلى الإحمرار أو اختلط بشوائب أخرى، حيث ترتبط جودة الإنتاج بالنطاقات الجغرافية والعوامل المناخية المميزة لكل نطاق وكذلك خبرة المشتغل على جني هذا المحصول وفترات ومواقيت الحصاد. يبدأ إنتاج وجني محصول اللبان في محافظة ظفار خلال شهر أبريل ويستمر إلى شهر يونيو من كل عام باستخدام الطرق التقليدية المتبعة والمتعارف عليها منذ القدم. وتبدأ عملية الإنتاج من خلال جرح سيقان وأفرع شجرة اللبان في طبقة اللحاء بآلة تسمى (المنقف) ويطلق على هذه العملية التوقيع، وينتج عنها مادة لزجة سرعان ما تتجمد ويتم التخلص منها في الضربة الثانية، وكشطها إلى الأرض بعد أسبوعين من التجريح الأول في عملية تسمى السعف، وبعدها يتم جمع محصول اللبان ثم يتم جرح نفس المنطقة مرة ثالثة وتعرف هذه العملية بعملية السعف الثاني، ثم تتكرر عمليات السعف إلى آخر عمليات جمع اللبان وتسمى هذه الأخيرة الكشمة. ويبدأ الجمع الفعلي للبان بهدف التسويق التجاري بعد أسبوعين من التجريح الثاني، حيث يتم كشط الشجرة للمرة الثالثة ويتم تجميع اللبان، أما من على الشجرة أو ما يسقط منه على الأرض، حيث يبلغ معدل الإنتاج التقريبي لشجرة اللبان من 7 إلى 10 كجم تقريبا.

تعتبر شجرة اللبان من أشهر النباتات الموجودة في محافظة ظفار، وقد أسهم الكثير من المؤرخين والرحالة والباحثين في الحديث عن شجرة اللبان، وأهمية المادة المستخرجة منها، والتي تعتبر مقدسة في الحضارات القديمة، حيث كان اللبان يتمتع بالأهمية ويصل إلى أسعار خيالية؛ وذلك نظرا لخواصه العطرية واستخداماته العلاجية والدوائية. ازدهرت تجارة اللبان على مر العصور فنشأت بذلك علاقات تجارية متنوعة مع حضارات وشعوب العالم القديم، من خلال طرق القوافل إلى بلاد ما بين النهرين وإلى مصر وبلاد حوض البحر المتوسط، ومنها إلى أوروبا وعبر بحر العرب والمحيط الهندي إلى سواحل إفريقيا وشبه القارة الهندية ومنها إلى شرق آسيا.


يتميز اللبان برائحته الزكية المنعشة وفوائده الصحية المتعددة، حيث يعد كمشروب مسكن للألم ويزيد من صفاء الذهن ويذهب النسيان، وقد استخدم في معظم الوصفات العلاجية لتحسين الإخصاب، ولمرض الصرع، وحالات الولادة المستعصية، ولتفتيت الحصوات وأمراض الطفح الجلدي، وشفاء الكسور، والتحام العظام، وعلاج مرض النقرس وطرد الآفات الحشرية والأوبئة والسموم.


كما استخدم اللبان كعلاج، جيد للربو، واضطرابات الرحم، وأمراض الرئتين، وعلاج السعال المزمن، وعسر التنفس، وترطيب القصبة الهوائية، واستخدم ةكمسحوق لشفاء الجروح، وتزكية ماء الشرب برائحة طيبة، ومعالجة اللثة والأسنان، وحالات الخمول، وكمادة مقوية للقلب ومنبهة للذهن، ولغازاتة المعدة، وأورام الطحال، وآلام المفاصل، ومؤخرا لعلاج بعض أمراض السرطان.