التراث
جامع آل حموده
ولاية جعلان بني بوعلي بمحافظة جنوب الشرقية من ولايات السلطنة التي تزخر بالمعالم الأثرية العريقة وتجسد الهوية التاريخية بأصالتها وتاريخها الطويل منذ الأزل والمقومات السياحية الطبيعية بمناطقها الساحلية البديعة وجوها اللطيف البارد طوال فصول السنة التي تمتد على الشريط الساحلي لبحر العرب والمحيط الهندي وقراها المتميزة بمواقعها في جيوب الأودية والمواقع الرملية والسهلية التي تعكس التنوع البيئي وحياة قاطنيها.
ومن أشهر المعالم التاريخية العريقة بولاية جعلان بني بوعلي “جامع آل حموده ” الذي يرجح تاريخ بنائه إلى ما قبل 500 عام ويتميز بكثرة القباب ذات التصميم المعماري الإسلامي البديع وما زال محافظًا على شكله الهندسي العريق إذ يبلغ عدد القباب التي تعلو المسجد 52 قبة تجسد فن العمارة الإسلامي لدى الإنسان العماني منذ القدم والهندسة الفريدة في تلك الفترة الزمنية ، حيث يعد هذا المسجد من أشهر المساجد التاريخية العريقة على مستوى السلطنة لما يتميز وينفرد به من العدد والتناسق الجميل للقباب عن الجوامع القديمة بالسلطنة.
ويقع جامع آل حمودة في الظاهر بالقرب من سوق الجمعة القديم (السوق الحدري) الذي يشهد إلى يومنا هذا حركة تجارية نشطة لمختلف العروض والمستلزمات اليومية والصناعات الحرفية والتقليدية الشعبية يستمد نشاطه التجاري ومعروضاته من العصور التاريخية القديمة التي تزخر بها الولاية وتتميز المنطقة التي تحد الجامع من جميع الاتجاهات بالمباني الأثرية القديمة التي تحكي عراقة وأصالة الماضي التليد ذات التصميم الجميل والفريد .
ويتكون الجامع من ثلاثة مداخل وغرفتين خدميتين وهو مبني من الحجر والجص وتقام فيه جميع الصلوات الخمس وصلاة الجمعة
والمحاضرات الدينية كما يعبر من خلاله فلج قديم وهو فلج الظاهر وهو الفلج الوحيد الذي يوجد داخل المسجد بالولاية ويستخدم للوضوء قديما ويتميز سقف صالة المسجد بالنقوش الخشبية المصنوعة من سعف النخيل ، حيث تبلغ مساحة المسجد أكثر من 2000 مترمربع تقريبًا ويتسع لأكثر من 700 مصلٍّ ويعد مركزا للعلم ودراسة وحفظ القرآن الكريم.
وتتميز القباب ذات الطابع الإسلامي وهي أشبه بالخوذ الإسلامية و التي تعلو سطح الجامع بالفتحات التي تسمى (المبارق) وهي ليست شكلاً جماليًا وزخرفيًا فحسب وإنما تسمح ايضا بدخول الضوء والهواء الطبيعيين إلى داخل المسجد دون رؤية المصلين لفتحات السقف بطريقة تثير الإعجاب.
ويعود تاريخ بناء الجامع إلى ما قبل 500 عام في القرن السابع عشر الميلادي ( 17 م) الموافق للقرن الحادي عشر الهجري وقد لاحظ )شوفاني( المعماري الذي قام بالإشراف على تجديد الجامع عام 1411 هجري ان الجامع صمم على النمط المعماري الإسلامي التقليدي وأن مصممه كان ذو حس وابداع متفرد لم يغفل أبدا عن أدق التفاصيل التي شهدت على جماله وعمقه وقوته وتحمله لعوامل التعرية والتصريف المائي طوال العقود الماضية، علما بأنه يوجد بداخل قلعة آل حموده نموذجا مصغرا للجامع مكون من قبتين بذات الطراز والفن المعماري للجامع.
وعلى الرغم من قدم الجامع فانه لا يزال محتفظا بهندسة مفرداته ضاربا مثالا لقدرات العمانيين القدماء في الهندسة المعمارية حيث يوجد داخل الجامع 24 أسطوانة وخمسة أروقة وعدد كبير من الأقواس.
ويحظى جامع آل حمودة بتوافد الكثير من الزوار والسائحين من داخل وخارج السلطنة حيث يعد مقصدًا اسلاميًا وسياحيًا ومعلمًا دينيًا للتعرف عليه عن قرب فتاريخه القديم الغني باللمسات والأعمال الهندسية والمعمارية القديمة تأسر كل من يزوره أو يسمع عنه.
جامع آل حموده من الجوامع التي حظيت باهتمام حكومة جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه حيث تم ترميمه ثلاث مرات الأولى كانت في عام 1992 م والمرة الثانية في 2010 م والثالثة كانت في العام المنصرم 2018 م ولم تغير هذه الترميمات شيئا من البناء الأساسي للجامع الذي ظل محافظا على شكله العام والأساسي بل أن الترميم كان له دور كبير في حفظ الهوية والتفرد وحمايته من التداعي والضرر سواء نتيجة عوامل التعرية والتملح أو بسبب الأنواء المناخية .