صناعات حرفية
الروزنة
التراث الشعبي هو علم يزخر بالإبداعات الفنية المعبرة عن حياة الشعب والمرتبطة بعاداته وتقاليده في حلقات متصلة متجددة دائماً بين ما هو قديم وأصيل.
التراث الشعبي اتخذ مكاناَ لائقاَ به باعتباره علم قد بينت الدراسات الإنسانية أنه عبارة عن: عناصر ثقافية حية مؤثرة وفعالة تساير الشعب في تطوره، مسايرتها لحياة الأفراد في سلوكهم وعاقاتهم.
ولا يعدّ التراث مجرد رواسب متحجرة تخلَّفت من الماضي؛ كما أنه ليس زائراً من بيئة أخرى، إنه جزء لا يتجزأ من مجتمعنا الذي يتفاعل معه ويؤثر فيه ولا يقف في وجه المعرفة والعلم. إنه يبدأ بالحس المشترك وينتهي بالحس المشترك.
والطابع المميز للتراث الشعبي أنه معرفة عامة لجميع فئات الشعب وليس حكراً ولا وقفاً على طبقة خاصة، أو تجربة خاصة، أو معرفة خاصة؛ بل هو حق مشاع كسائر الثقافات وأنواع المعارف ولكل طبقات المجتمع من عامة وفاحين مثقفين كانوا أم عاميين فقراء أو أغنياء هو للجميع بلا استثناء.
تراثنا الشعبي العماني هو الصورة الصادقة لما أبدعه الأجداد، حيث امتزجت أحاسيسهم مع الطبيعة المحيطة بهم فكأنهم جزء منها فكان تراثهم مؤدياً كل احتياجاتهم، فعاشوا حياتهم في توافق مع بيئتهم. ومن أهم تلك الإبداعات التراثية هي تلك العمائر وتصميمها الداخلي، حيث امتازت بطابع خاص فريد يزخر بالكثير من عناصر الثقافة المادية، التي تم عملها بخامات بيئية لتتاءم مع الظروف المناخية والاقتصادية وعادات وتقاليد المجتمع.
وتعتبر الخورنقات إحدى عناصر الثقافة المادية؛ نظراً لندرة الخشب والخامات التي تدخل في تصنيع الأثاث، حيث تمثل حيزات فراغية ومسطحات رأسية ذات سماكة كبيرة في إبداع خورنقات (فجوات) داخل الجدران، تعددت استخداماتها وأخذت مسميتها من تلك الاستخدامات فكان دولاب الحائط الروزنة والكمار وغيرها؛ وذلك لحفظ مقتنياتهم وأدواتهم المنزلية. وقد تم تزيينها بالعديد من النقوش أهمها تلك الزخارف الجصية التي استخدم فيها الحفر الغائر والبارز.
أما الروزنة من مكونات الصفّة والدهريز أو الليوان في المنزل القديم في عمان، المبنية من الطين أو الصاروج والحصى. والروزنة: تجويف هندسي على شكل رف في بطن الجدار (بدون فتحة تهوية) تستخدم لحفظ الأغراض، والروشنة )لها فتحة تهوية( وهدفها التهوية - وهي ألفاظ فارسية - وفي كثير من الأحيان كان يتم استغال الروزنة وتحويلها إلى خزانة للمابس أو الأواني أو المقتنيات الأخرى، وتستخدم الروزنة لحفظ أدوات المنزل ومتعلقات المرأة، كما تصف فيها الصحون والمواعين والمراش بطريقة فنية وجمالية، فيما تحفظ الأشياء المهمة في المندوس والسحّارة.