التراث
حصن رأس الحد "معلم تاريخي"
عد القاع والحصون في سلطنة عمان امتداداً لتاريخ عمان الحضاري والثقافي والعسكري، والذي يعود إلى أكثر من خمسة الأف سنة، وقد أتاح الموقع الجغرافي للسلطنة ونشاط سكانها البحري والتجاري الانفتاح على كثير من الحضارات في تلك الحقبة الزمنية، كما تعد تلك القاع والحصون من أبرز المعالم التاريخية والحضارية التي تقف شاهداً على عظمة الإنسان العماني، وهي مفخرة من مفاخر الفن المعماري.
تعد حصون محافظة جنوب الشرقية من عناصر التراث المادي، التي طالما اعتزت بها المحافظة قديماً وحديثاً، والتي تعكس التطور والازدهار الذي كانت تعيشه عمان في ذلك الوقت، وقد اتضح ذلك جلياً في ثراء وتنوع مبانيها التاريخية وما تحتويه من عناصر دفاعية ومعمارية وجمالية. ويعتبر «حصن رأس الحد » من المعالم السياحية والتاريخية في ولاية صور بشكل خاص ومحافظة جنوب الشرقية بشكل عام، ويقع في نيابة رأس الحد، والتي تبعد عن مركز الولاية حوالي 35 كيلو متراً. وتتميز نيابة رأس الحد بأنها أول منطقة تشرق عليها الشمس في شبه الجزيرة العربية، وهي الفاصل بين بحر عمان وبحر العرب، حيث يقع الحصن على هضبة مرتفعة تشرف على الأماكن السكنية لهذه النيابة، وكذلك المواقع البحرية والرئيسة للسفن ومدخل خور الحجر الذي يمتد من خليج عمان.
وقد بُني الحصن في الفترة ما بين 1560 م إلى 1590 م، من قبل قبائل النيابة كافة واستغرق بناؤه حوالي 30 سنة. وتتكون مرافق الحصن من قلعة وبرجين، يصل بينهما الحائط الكبير ويبلغ عرض الأساس حوالي 3 أمتار، وهو أساس صلب لا يتزعزع مع مرور الزمن، وقد بني من الجص والحجر وعند وصولك إلى الحصن تقابلك البوابة الكبيرة والتي يبلغ عرضها 2.5 مترا وطولها 3 أمتار متصلة بالصباح، والذي يبلغ عرضه 3 أمتار وطوله 11 متراً وارتفاعه 3 أمتار، وعلى جانبيه مقاعد متسعة كانت تستخدم لضيافة القبائل من داخل النيابة وخارجها، حيث يتم الحوار والنقاش بين هذه القبائل والمشايخ وأصحاب الرأي السديد في حل المشكات التي كانت تحدث بينهم في ذلك الوقت. وفي جهة الشرق من حصن رأس الحد تقابلك غرفة مفتوحة فيها مقعد متسع، يبلغ عرضها 3 أمتار وطولها 6.5 متر وارتفاعها 3.5 مترا وكانت تستخدم كصالة انتظار، إضافة إلى غرفة )السبلة( والتي كانت تستخدم للحكم بين المتخاصمين، ويبلغ عرض هذه الغرفة 3 أمتار وطولها 4 أمتار وربع متر وارتفاعها 3.5 مترا، كما توجد غرفة أخرى كانت تستعمل كسجن مؤقت ويبلغ عرضها 3 أمتار وطولها 5 أمتار وربع متر وارتفاعها 3.5 مترا.
وتتضمن مرافق الحصن أيضاً )المصبّه( وتوجد في قمة البوابة الرئيسية للحصن، وكانت تستخدم لإسقاط الزيوت والمياه الحارة والعسل الساخن، كما يوجد البرج الغربي وهو برج دفاعي دائري الشكل كان يحتوي على مدافع عدة، أما الآن فيحتوي على مدفع واحد. وتضم مرافق الحصن كذلك قلعة، وهي خط الدفاع الأخير ويبلغ ارتفاعها 13.25 مترا وعرضها 13 متراً أما الطول فيبلغ 16 متراً، وفيها برج طول قطره 7 أمتار، ويخترقها سرداب ينزل من القلعة تنازلياً لمسافة 8 أمتار، ثم يلتوي للشرق ويخرج من حدود السور الشرقي ممتداً حوالي 500 متر تقريباً، وعمق هذا السرداب 3 أمتار يصل إلى بئر مياه عذبه اسمها بئر )مرفص(، وهي مرصوفة بالحجر والجص )الصاروج(، وتحتوي القلعة أيضاً على عدد من المدافع التي تضرب داخل الحوش )الفناء الداخلي للحصن( أو عندما يدخل العدو من الباب إذا ضعفت المقاومة الأمامية.
ويتميز سقف الحصن أنه مصنوع من حطب الساج المتين، المستورد من الهند )ملبار( والحطب الأسود المستورد من زنجبار )ممباسا( إضافة إلى الحطب المنقوش والمجوف من الداخل والمستورد أيضاً من زنجبار )حطب البامبو(. وأوضح سعود بن حمد العلوي مدير إدارة السياحة بمحافظة جنوب الشرقية: بأن وزارة السياحة أولت الاهتمام والرعاية لحصن رأس الحد إلى جانب الحصون والمواقع السياحية الأخرى بالمحافظة، حيث تم ترميم هذا الحصن علىى فترتين: الأولى كانت عام 1989 ميادي من قبل وزارة التراث والثقافة، وتم إعادة ترميمه مرة أخرى عام 2008 ميادي بعد الأنواء المناخية عن طريق وزارة التراث والثقافة بالتنسيق مع وزارة السياحة. وأضاف أن حصن رأس الحد يعد من المزارات السياحية المهمة بالولاية، حيث يفتح أبوابه للسائح المحلي والعالمي على حد سواء بكل رحابة صدر وكرم، ليكون شاهدا حيا على تاريخ عمان المجيد وحاضرها المشرق الذي حمل لواءه السلطان قابوس بن سعيد. وأكد العلوي على أن وزارة السياحة تسعى جاهدة إلى تطوير الحصن وتهيئته ليكون مزاراً سياحياً على مستوى عالٍ، وذلك بالتنسيق والتعاون مع وزارة التراث والثقافة وإحدى الشركات الرائدة في الولاية، ليتم ترميمه مجدداً وإضافة بعض اللمسات الجمالية ليستقبل أكبر عدد من الزوار.