التراث

التاريخ: 2017-08-01
سوق الرستاق القديم رحيق الماضي ومزيج من الحاضر

سوق الرستاق القديم رحيق الماضي ومزيج من الحاضر

هو أحد أهم الأسواق الشعبية في السلطنة، ويقع بولاية الرستاق لمحافظة جنوب الباطنة وينشط السوق من الصباح الباكر، ويحتضن هذا السوق معظم السلع منها الصناعات والحرف التقليدية، مثل: صناعة الفضيات، والحدادة، والخوصيات، والأدوية الشعبية، ومختلف المحاصيل الزراعية. كما يوجد بالسوق عرصة ( موقع خاص لبيع الأغنام ) مشهورة لبيع مختلف المواشي التي يقصدها المواطنون من مختلف ولايات محافظتي الباطنة ..يقع هذا السوق بالقرب من القلعة وسط المدينة، وتمر تحته شرجة الطاغي » من الجهة الشرقية، وعرف بسوق أبو ثمانية. ويعود تاريخ بنائه أيام دولة اليحمد ولم يكن هذا السوق من بناء دولة اليعاربة، ولم يطرأ عليه تطوير عما كان عليه في تلك الحقبة، وكان بناؤه بالطين والطوب والحجر طيلة هذه المدة إلى عصرنا هذا، والأيام تنتظر إعادة بنائه بالمواد الحديثة والشكل العصري؛ إحياءً للتراث، وأسوة بغيره من الأسواق في المدن والقرى.


يعتبر سوق الرستاق من أقدم أسواق السلطنة وأبرزها، فقد كان بمثابة السوق المركزي للمحافظة والولايات المجاورة، وهو معلم مهم يقصده المواطنون من كل مكان ووجهة لكل بائع ومتسوق، ويزخر بوفرة البضائع التي يحتاجها المواطن العماني في حياته اليومية وفي الوقت الحاضر، إضافة إلى أهميته التجارية والاقتصادية فإنه يعد وجهة سياحية بالولاية بجانب قلعة الرستاق التاريخية. كان سوق الرستاق الذي يطلق عليه محليا )أبو ثمانية( قديما منفذاً مهما للبضائع الواردة من ولايات الباطنة الساحلية التي تزخر بالمنتوجات البحرية من أسماك طازجة وأسماك مجففة وغيرها، وكانت تأتي الفواكه والمنتجات الموسمية من الجبل الأخضر الذي يتميز بمنتجات مثل الرمان والجوز واللوز والخوخ والمشمش، ويلتقي الباعة والمشترون من الساحل والجبل فيتبادلون المنتجات بسوق الرستاق، ليشتري أهل الجبل الرطب والتمور والأسماك المجففة التي لا تتوافر في الجبل الأخضر، وكذلك يقوم أهالي المناطق الساحلية بشراء منتجات الجبل التي لا تتوفر معهم.


كما تنشط في ولاية الرستاق زراعة الحبوب،مثل: الذرة، والقمح، والحمص، واللوبيا، والثوم، والبصل، وغيرها من المنتجات ليجد المشتري وصاحب التجارة أيضا حاجته في هذا السوق، وكان الناس يأنسون عند الذهاب للسوق ليس للتسوق فحسب، وإنما للتنزه وسماع الأخبار الجديدة التي تعلن في السوق، حيث لا توجد وسائل للتواصل ومعرفة الأخبار غير هذا السوق.


وفي العصر الحديث شهد السوق إعادة بناءٍ روعي فيه جانب من نمط العمارة العمانية القديمة، حيث كان السوق يحتوي على تقسيمات جميلة، وكل زاوية منه تحكي قصة بأكملها و يحكي تاريخ أمة وحضارة وكان متنفس لكل أبناء الولاية، ومدرسة للصناعات والحرف اليدوية توارثوها جيلاً بعد جيل، فقد كان السوق يعج بالحركة من شروق الشمس وحتى غروبها، وكانت لكل شخص فيه ذكريات جميلة سواءً مقيم أو زائراً.


سوق الرستاق (أبوثمانية) له ثمانية أبواب، لكل باب منها مسمى؛ ولذلك سمي بهذا الاسم. (الباب الأول) يسمى باب عيني، أو باب الصايغي، أو الباب الغربي ويقابله باب آخر. (الباب الثاني) باب السفائل، ويقصد به سفائل الرستاق، أو باب الغشب، ويقابله باب آخر، ولكن المسافة بينهما قصيرة لا تزيد على 15 متراً.

(الباب الثالث) باب القلعة أو الحصن ويقابله باب آخر. )الباب الرابع( الباب الشرقي، ويعرف بباب العلاية، أو باب الشرجة الشرقي، ويقابله باب آخر. ولوجود هذه الأبواب الثمانية عرف السوق بهذا الاسم. داخل السوق خصص للبيع بالجملة وهو عبارة عن أجنحة ويقع داخل الأبواب الأربعة، وهو مسقف بالكامل وكل سكة بها عدد من الدكاكين، وهذه الأربع السكك تلتقي في موقعة مكشوف من أجل الإنارة، وهناك موقع المشرف في الطابق الثاني ولكن فيما بعد قد تهدم ولم يعاد بناؤه، وبقيت آثاره لفترة من الزمن. وهناك دكاكين أخرى خارج المركز بالجانب الشمالي الغربي تتركز على الحائط أو سور السوق وأغلب هذه الكاكين للبيع بالتجزئة.


وفي هذا السوق بالزاوية الجنوبية الشرقية بئر تزود السوق بالماء للشرب، ولصناعة الحلوى، وللمخابز، وكان يباع الماء في آنية من خزف للشرب بمختلف أحجامها، وتبرد بالهواء الطبيعي، وكانت تُقعد أرض شهريا لبيت المال، ويبلغ أقصى ارتفاع قعده ( خمسمائة قرش فضية نمساوية )، وهذا القعد خاص بالعرصات وما يباع من السلع على أرضه، أما أجار المح ات التجارية فتلك تدفع سنويا بمبلغ رمزي يعود لبيت المال عن طريق وكيله، وعلى كل مستأجر أن يصلح محله بنفسه كيفما أراد بدون أن ينقص من الأجار شي، ويدفع الأجرة سنويا ولو لم يستخدمه، وإن طابت نفسه انتقل لغيره، وإن أبى أن يدفع أخذ منه جبرا.


ويوجد بسوق الرستاق (أبو ثمانية) عرصات السوق » أول عرصة يتم بها البيع وهي عرصة القت » ويبدأ البيع فيها من الساعة الثامنة صباح ،ً والمشرف على هذه العرصة شخص يدعى محليا النمرود » يقوم بتنظيم البيع وتقدير الوقت ويباع القت بالمن أو القلة، وكذلك يتم البيع بالعكمة والعكمة هي (حمولة الحمار) وتتراوح ما بين ( 15 إلى 20 من) وتقع العرصة شرق باب الغشب أو السفايل تقريباً.