التراث
جبل حفيت (مجد تاريخي تتقاسمه السلطنة وإمارة العين)
يعتبر جبل حفيت جزءاً من منظومة السياحة في كل من سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة؛ لوقوعه بينهما، وهو ذو قيمة أثرية وتاريخية للبلدين. يعد الجبل جزءاً من سلسلة جبال الحجر، ويقع الجزء الأكبر منه ضمن حدود سلطنة عمان، ويتميز بقمته المسطحة تقريبا، ويبلغ ارتفاعه 4000 قدم فوق سطح البحر، إضافة إلى ذلك يحتوي على مجموعة من الأحافير البحرية، التي يقدر عمرها بسبعين مليون سنة خلت؛ مما يثبت أن هذه المنطقة كانت مغمورة بمياه البحر في تلك الفترة.
يتمتع زائر جبل حفيت بالمشاهد الجمالية في المنطقة المحيطة به، وفي الطريق إلى قمة الجبل وبين الشقوق الصخرية تنبت الأزهار الصحراوية بمختلف أنواعها وألوانها الزاهية، كما توجد بعض الحيوانات البرية والطيور. وعلى جبل حفيت تزهر أشجار التين، ونحو 120 شجرة زيتون، إلى جانب أكثر من 80 صنفاً من أشجار الفواكه والحمضيات، أتت من منابت مختلفة من العالم. ويعد جبل حفيت أيضا موطنا للعديد من الأنواع المتكاثرة والمهددة بالانقراض عالمي ،ً مثل: الثعلب الأفغاني، والقنفذ
الأسود، فضلاً عن عدد من الأنواع الأخرى النادرة.
يستطيع الزائر لجبل حفيت تحقيق متعة القيادة على الطريق السريع الملتف حوله صعوداً إلى قمّته إمّا بالسيارة، أو على الدراجة الهوائية إن كان يتمتع بالقدرة على التحمّل. وقد وصِف موقع المعلومات الإلكتروني حول المركبات الآلية هذا الطريق بأنه من أروع الطرق للقيادة في العالم. فما إن يصل الزائر إلى القمة حتى يجد مكافأة من المناظر الخلابة المطلّة على العديد من المناطق، منها: للسلطنة، ومنها لدولة الإمارات العربية المتحدة )العين(.
تتوافر عند قمة جبل حفيت، وعبر الطريق الواصل إليه العديد من المرافق والمنشآت السياحية، والتي تمنح زواره الراحة والمتعة، ويمكنهم قضاء ليلة أو أكثر في فندق أقيم عند قمة الجبل، ما يتيح أمامهم الفرصة لزيارة المواقع الأثرية الأخرى بالمنطقة واكتشاف الكهوف العديدة في الجبل، فضلا عن الاستمتاع بالأجواء الهادئة والجمال الطبيعي في هذا المكان المثير للإعجاب.
كما يحفل جبل حفيت بكهوف تتميز بأهمية في علم الآثار، ومنها شبكة كهوف مترابطة في جبل الحجر الواقع ما بعد منطقة البريمي بالقرب من العين، ومن أكبر وأكثر الكهوف إثارة )مغارة قصر حفيت(، والتي تحتوي على 450 مترا من الفتحات، والممرات، والغرف التي تصل إلى عمق 96 مترا.
حضن الحبل مستوطنة قديمة يرجع تاريخها إلى الألف الثالث قبل الميلاد، كانت نقطة التقاء القوى التجارية بين حضارة بات في ولاية عبري وحضارة أم النار.
ولجبل حفيت أهميته الجيولوجية التي تترافق لزاما مع أهميته الأثرية، حيث يتضح من خ ال عمليات المسح التي تمت في منطقة جبل حفيت وذراعيه المنبثقين عنه الشمالي والغربي وجود المئات من المدافن المستديرة جنوبية الأبواب، والتي يعود تاريخها إلى 2700 - 3200 قبل المي اد، تنتشر على سفوحه ومنحدراته، وجد بداخل المقابر بعض النحاسيات، والأواني الفخارية الشبيهة في الشكل، مع فخار حضارة جمدة نصر في العراق، والخرز الملون، وأهمها سيف برونزي منقوش لم يعثر على مثيل له إلا في غرب إيران، وهو يعود إلى الألف الثالث قبل المي اد، وتعتبر مدافن حفيت من أولى المناطق التي تم التنقيب فيها من قبل البعثات، وقد قامت تلك البعثات بتنقيب عدد لا بأس به منها في ستينيات القرن المنصرم. تتميز المدافن بشبهها لمدافن حضارة بات على هيئة خلايا النحل.
يبقى جبل حفيت الم اذ للكثير من سكان المنطقة، ويكثر به الزوار الأجانب، لتميزه الجميل وللخدمات الرائعة، ويستطيع الزائر أن يجد الأحجار المرجانية المتكلسة، التي تدل على أن المنطقة كانت مغمورة بمياه البحر في الماضي، وتتنوع الطبيعة فيها من ماء وخضرة وطبيعة بديعة إلى جانب اعتدال مناخها، ووفرة الأماكن السياحية المتنوعة بها.