صناعات حرفية
القهوة في التراث العماني
القهوة عند العُمانيين عنوان للأصالة والكرم .. وهو تراث عميق ارتبط بالإنسان العربي في حله وترحاله .. غناه وفقره .. أفراحه وأتراحه .. وهي بطقوسها عادة لها احترامها الذي يصل إلى حد القداسة .. وطريقة إعدادها تختلف من بلد لآخر لكن الطابع العربي له مذاقه الخاص وقواعده وأسلوبه ، وهي عنوان للكرم وبدونها لا يكون .. حتى أن العربي لا يعتبر أن مضيفه أكرمه إن لم يقدم له القهوة حتى لو نحر له الذبائح وقدم له ما لذ وطاب من أنواع الأكل والشراب .
ورغم أن الاسم الواحد .. والأصل واحد .. إلا أن طريقة إعداد القهوة تختلف من بلد لآخر في العالم .. وللطريقة العربية ما يميزها عن غيرها .. وللطريقة الخليجية ما يميزها عن العربية .
ففي السلطنة .. ومنذ القدم .. يحرص العُماني على أن تكون القهوة في بيته قبل حرصه على الطعام .. لأنه يخشى أن يفاجئه ضيف .. رغم ذلك التكافل الاجتماعي الرائع الذي كان .. ولا يزال .. موجودا إلى حد كبير بين الأسر .. فالضيف أهلا وسهلا به في أي وقت .. يشرف المجلس أو ما كان يسمى « المجلس « في الأيام الماضية .. ويستقبله صاحب البيت بكل ترحاب ويعد القهوة له فورا .. بينما يأتي الجيران والأحباب كل منهم يحمل ما عنده من طعام وشراب وقهوة أحيانا .. فالضيف ضيف الجميع وان حل في بيت أحدهم .
والقهوة كان يتم جلبها من مطرح و الموانئ العمانية القديمة للقاطنين خارجهما .. وأبرز أنواعها السيلاني .. ومن بعده القهوة الخضراء بنوعيها : المدربحة والعادية .. والفارق بين الأنواع الثلاثة في المذاق .. وكل بيت يحتفظ بأدوات القهوة التي يتم إعدادها عدة مرات في اليوم حسب الضيوف .. وان كانت الأوقات المعتادة هي : في الصباح ، والضحوانية ، والظهر ، والعصر والمغرب .
طريقة إعداد القهوة
القنشه وهي وعاء دائري له يد يتم فيه تحميص القهوة على النار ، ويتم تقليبها بالمحماس إلى أن تصبح حمراء ، وتدق بعد ان تبرد في المنحاز وهو من النحاس الأصفر ، والأداة التي يدق بها تسمى الرشاد ، وعندما تصبح ناعمة ، توضع في دلة صغيرة تسمى المخمرة وتغلى على النار حتى تفور بعد أن يضاف إليها الهيل أو الزعفران حسب الرغبة ، ثم تصفى في الدله وتقدم إلى الضيف حسب سنة القهوة .
سنة القهوة
سنة القهوة هي التقليد العريق الذي تقدم به إلى الضيوف ويحترمه الكبير والصغير ويحرص عليه .. بل أنه من العيب جدا تجاوزه .. والعرب يخشون ذلك حتى لا تصبح « سالفتهم « أي حكايتهم على كل لسان يتناقلها الركبان .. فتصبح عيبه كبيرة في حقهم .
وسنة القهوة أو تقاليدها .. أن يبدأ تقديمها للضيف أولا .. ثم للجالسين من على يمينه .. أو للجالسين في المجلس إن لم يكن هناك ضيوف وأيضا من على اليمين. ومن العادات الأصيلة المتوارثة عند تقديم المقهوي القهوة للضيف باليد اليسرى أبدا .. وعلى الضيف أن يتناول فنجان القهوة من المقهوي هو أيضا بيده اليمنى .. وعند صب القهوة في الفنجان لا يتم ملئه .. ولا يوضع فيه قدر ضئيل جدا .. بل هو ربع الفنجان فقط .. وبمناسبة الفنجان لا يجوز أبدا تقديم القهوة في فنجان به ولو كسر بسيط لأن ذلك يعد عيبا كبيرا .. وعلى الضيف أن يشرب القهوة .. فإذا انتهى منها يهز الفنجان للمقهوي وإلا فمعناه انه يريد المزيد .. ويستمر المقهوي في تقديم القهوة له حتى يهز الضيف الفنجان هزة خفيفة فيعرف المقهوي ان الضيف قد اكتفى .. وعلى الضيف ان يسلم الفنجان للمقهوي بعد الانتهاء من شرب القهوة ولا يضعه على الأرض .. لأن ذلك يعد عيبا في حق المقهوي .. حيث على الضيف الاحتفاظ بالفنجان في يده حتى يعود إليه المقهوي ليأخذه منه ان كان قد انشغل عنه بتقديم القهوة للآخرين.
ولا يجوز في سنة القهوة التخطي .. بمعنى .. ان تقديم القهوة يكون من اليمين وحسب تسلسل الجالسين حتى وان كان بينهم طفل صغير .. اذ يجب على المقهوي تقديم القهوة له فإن رفضها فله الحق في في الانتقال لمن يليه .. وان قبلها فنعم ، وله الحق في ان يتناول القهوة حتى يهز الفنجان مثله مثل الرجل الكبير.
ومن سنة تقديم القهوة للضيف أنه تقدم له ثلاث مرات كأمر واجب .. الأولى عند قدومه .. والثانية بعد تقديم الفواكه .. والثالثة بعد وجبة الطعام التي يتم بها إكرام الضيف سواء أكانت غداء أم عشاء .. وليس معنى ذلك أنها لا تقدم في غير تلك الأوقات .. بل تقدم بعدد غير محدود من المرات واقلها تلك الثلاث .