التراث

التاريخ: 2016-08-01
حارة السويق في نزوى

حارة السويق في نزوى

- بيوت قديمة مبنية من الطين والتبن من مواد محلية الصنع..
- حوارير وأزقة ما تزال تحتفظ بطابعها العتيق وعبقها التاريخي..

تعدّ مدينة نزوى العمانية التي احتفل بها عاصمة للثقافة الإسلامية مستودعا للتراث الإنساني، ومثلت مركزا للحكم والعلم ومركز إشعاع حضاري لقرون، وهو ما جعل مثقفين ومفكرين يدعون لتعميم تجربة التعريف بالتاريخ والثقافة العمانيين لتشمل مدنا عمانية أخرى لا تقل أهمية، وكان لها دور بارز في الجهاد والدعوة والعلم. ويؤكد المؤرخون العمانيون أهمية مدينة نزوى في تشكيل التراث العماني والإنساني من خلال تخريج آلاف العلماء والأئمة والقضاة على مدى عهود طويلة، ويعزز ذلك احتضان جامعتها ستة آلاف مخطوطة.
وكما يقول المتخصص في التاريخ العماني سعيد بن عبد الله الصقري فإن نزوى مثلت مركز الحكم والعلم على مدى قرون، بما اشتهرت به حاراتها الضيقة من مجالس للعلم وقلاعها مجالس للحكم ومن بين تلك الحارات «حارة السويق .»


حارة السويق تدعى بسويق الكنود لأن ساكنيها يعودون بأصولهم إلى قبيلة كندة، وهذه الحارة مكونة من منازل مبينة من الصاروج او الطوب العماني وهي تتألف من طوابق عدة. العمارة في حارة السويق تعد فنا يؤرخ لوعي الشعب العماني القديم الذي كرس مفاهيم التعامل مع البيئة، وظروف عناصر الطبيعة، ومن هنا كانت بيوت الطين في هذه الحارة في خطوة لإيجاد سكن يتواءم مع هذه المناخات، فوجد أن بيئته غنية بما يوفر له السكن المريح، وقام بتشييد بيته وبيت أسرته من الطين واستفاد من شجر البيئة ليوفر الراحة.


استخدم الأهالي الطين مادة أساسية في بناء البيت ومادة الطين تتميز بأنها مادة عازلة للحرارة أثناء فصل الصيف ويكون البناء بالطين عادة إما على شكل عروق أو مداميك من اللبن تسمى (الّلبِن) ومفردها لَبِنَة، وهي مايستعاض عنه حاليا بالبلك ويتم عجن التراب مع «التبن » ويوضع في قالب يعطيه شكل اللبن ويسمى (الملبن) وهوعبارة عن أربع قطع من الخشب على شكل مستطيل مفتوح من الأعلى والأسفل يوضع الطين المخلوط بالتبن بداخله ثم يرفع القالب الخشبي ليأخذ الطين الموضوع شكلاً ومقاس .ً


وتتم عملية بناء بيت الطين بأن تحدد قطعة الأرض المراد إقامة البيت فوقها ثم توضع خيوط لتحديد الأساسات وبعد ذلك يحفر في الأرض بعمق مترين أو أقل أو أكثر ثم يبدأ بوضع الأساس المسمى (وثر) وهو من الحجارة والطين ثم يبدأ بوضع المدماك الأول وبعد الانتهاء منه يترك لمدة يوم حتى يجف وذلك في الصيف أما في الشتاء فيترك يومين أو ثلاثة ثم يقام المدماك الثاني وهكذا حتى يتم البناء بارتفاع يحدده صاحب البيت، ويوجد الكثير من البيوت الطينية بطابقين في حارة السويق.


وبعد البناء تتم عملية الصماخ )الطمام( وهي لياسة السقف من أسفل بالطين والسقف يكون عبارة عن خشب من جذوع وسعف النخيل وأشجار الأثل أو السدر. بعد ذلك يتم عمل القضاض وهو الجيرالأبيض ثم تتم عملية التعسيف وهو عمل الدرج والتلييس بالطين وتضرب بالنورة وهكذا يكون العمل قد تم وهناك إضافات يتم وضعها إما لجمال المبنى أولحمايته وحفظه حيث تقام في بعض الغرف ما يسمى (بالدكة) وهي خاصة لكبارالسن كما يوضع في جدار الغرف ما يسمى (بالكوة) وهي لوضع الكتب أوالمصباح، كما يعمل في طرف الغرفة ما يسمى ب ) الصفيف ( لوضع الأكل فوقه ولمن أراد أن يحمي بيته من الملوحة الأرضية والمياه فانه يضع ما يسمى (بالحذوة) وهي من الحجارة والطين تقام على المدماكين السفليين من الخارج.

كما يستعمل الطين أيض كخلطة في المباني لإعطاء تماسك للبن إضافة إلى استعماله في أعمال اللياسة ويستخدم بصورة أساسية أيضاً في أعمال الأسقف وهو مايسمى محلياً( بالطمام ) ومن المواد الأساسية المستعملة أيض في بنائه )الحجر( ويدخل الحجر في أعمال الأساسات كما يشكل ويهذب على شكل قطع أسطوانية تسمى (الخرز) في أعمال الأعمدة. ومن المواد المستخدمة (الجص) ويدخل في أعمال الربط بين الحجارة على الأساسات والأعمدة كما يدخل في أعمال اللياسة النهائية بشكل جزئي أو كلي ومنه أيضاً )الجص( لعمل النقوش والأشكال الجميلة خصوصاً في المجالس والغرف والممرات والواجهات الخارجي، التي نراها على شكل قناطر في أزقة حارة السويق.


للحارة ستة مداخل تدعى بالصباحات. وفيها ثلاث قلاع وستة أبراج وأهمها:

برج بيت ردين الجنوبي، الشمالي، دار غافة، الخليل. وفيها أربعة مساجد وهي محاطة بسور عال ومنيع، عندما كانت مسكونة قبل الانطلاقة الجديدة كانت تقفل الصباحات الستة عند الغروب وتفتح عند الشروق، وكانت تحرس بشكل جيد من حراس مسلحين، وتدفع أجورهم من أموال الحارة التي تجمع من أوقاف خاصة لذلك (حيازات زراعية، دكاكين وغيرها..) وكانت تعتمد على الآبار وعلى فرج دارس في ري المزروعات.