التراث
حارة تنوف
يلفت انتباه الزائر للسلطنة تلك الحارات القديمة المترامية في معظم الأحياء العمانية، بيوت طينية بأسقف خشبية عفا عليها الزمن وهجرها سكانها الأوائل نحو الأحياء المنظمة الحديثة، لكنهم خلفوا وراءهم رائحة الماضي القديم، تاركين لمخيلتنا حرية الغوص بحياة الشعوب التي سكنت تلك القرى.
في ولاية نزوى تقبع حارة التنوف الواقعة على حافة وادي تنوف الشهير، ذو ش الات الماء الدائمة طوال السنة ومقصد الزوار، وتعد حارة تنوف الأثرية مركز القرية قبل عقود من السنوات، وتعاقبت عليها أحداث أسهمت في اندثار المدينة، يطبع على الحارة التصميم ذو الطابع الإس امي والطابع الفني المتميز بخصوصيته، والأبراج ذات الارتفاعات العالية، وسور الحارة المبني من الصخور والطين بجانب مرافق الحارة ذات الساحة الكبيرة، تبرز القرية كلوحة فنية تبعث في النفس هدوءاً وسكينةً فترتاح العين لرؤيتها، وتأخذ النفس بعيدا لتسبح في الأجواء الروحية التاريخية. تبقى القليل من البيوت الطينية بسبب العوامل الطبيعية، لكنها تستحق أن نقف عندها، وأن نتأمل الماضي العريق الذي يسكنها. لا يزال مسجد القرية موجودا، وكذلك ما تبقى من الحصن بعد أن تساقط بفعل الظروف البيئية وكونه بني من طين، ومنها بسبب القصف الذي شهدته هذه القرية على نطاق واسع خلال منتصف 1950 م من قبل أسطول الطيران البريطاني تحت أوامر السلطان سعيد بن تيمور، وقد قصفت البلدة على سبيل الانتقام ضد مشايخ من الجبل الأخضر، وقبيلة بني ريام المنشقة تحت الشيخ سليمان.
تم استخدام قنابل بما يوازي 1000 باوند، وكانت كفيلة بتهديم القرية، ولكن تمكن رجال القبائل من الهرب، باستخدامهم الطرق عبر الوادي، والتي أكسبتهم راحة مؤقتة حتى وصلوا إلى الهضبة، وفي وقت لاحق تم اقتلاع بذور الفتنة خلال حرب الجبل الأخضر في 1958 - 1959 م.
كل ما يجذبك في هذه القرية هو جمالية البيوت الطينية والطرقات الترابية الباقية على حالها، والتي تناشد المسؤولين عنها بنظرة من الاهتمام؛ لتحافظ على ما بقي منها وحتى لا تندثر كليا، إذ يرى المراقبون أنه إذا ما تم ترميم الحارة وتهيئتها كمزار سياحي فستكون إحدى أبرز الوجهات السياحية في محافظة الداخلية، كما أنها ستسهم في توفير فرص عمل مباشرة بعد ترميمها.
وعلى بعد أمتار من الحارة التراثية يجري غيل وادي تنوف على مدار العام مستمدا مياهه من الش الات النابعة من بين شقوق جلاميد الصخور.
طالبَ عدد من الزوار وزارة السياحة بتوفير الخدمات اللازمة؛ من أجل سياحة حقيقية مثل توفير أكشاك للبيع، ودورات المياه، وأماكن لوضع القمامة، وتهيئة أماكن للعائلات، مثل: المظلات، ومواقف السيارات.