الرئيسية

الأبواب

وجهات سياحية

وجهات سياحية

التاريخ: 2016-02-01
نباتات برية بولاية نخل وحديث الأسرار والطبيعة البكر

نباتات برية بولاية نخل وحديث الأسرار والطبيعة البكر

(أصايل) تسرد سر حكاية الزهرة الحزينة، وتلك التي تصطاد الحشرات
شجرة البوصير تعبر عن حزنها فترمي زهورها الصفراء على الأرض

تبدو الهضاب على جانبي الطريق اليتيم الوحيد المؤدي إلى ولايات محافظة جنوب الباطنة، وهي مغطاة بمختلف أنواع النباتات البرية، وكأنها تكتم أسرار نباتاتها بخجل بين صخور الوادي الملساء، فهي لا تبوح بأسرارها، إلا لمن يعرف قيمتها العلمية والطبية؛ ولعلها لذلك تختبئ بين ثنايا الصخور وفي بطون الأودية ..


وكثيرة تلك الزهور والنباتات التي تزخر بها السلطنة، والتي لا تخلو من الغرابة والأسرار، التي ربما نعرف منها القليل، أو لربما لا نعرف عنها شيئا حتى الساعة، إذ أنها تحتاج إلى مزيد من الدراسات والأبحاث .. وفي هذا التقرير الخاص بمجلة أصايل .. نلقي الضوء على أنواع عدة من الزهور والنباتات البرية، التي تتفتح في مختلف ولايات محافظة جنوب الباطنة، وتشكل لوحة جمالية رائعة، لكنها في نفس الوقت لا تخلو من الغرابة والطرافة أيضا ..

فزهرة (البوصير) مثلا، والتي تبدو صفراء، لونها يسر الناظرين، تخبئ وراءها مشاعر وأحاسيس مبهمة، فالطريف في الأمر هو أنه لو ضرب ساقها بعصا، فإنها تشعر بالأسى، وسرعان ما تتساقط تدريجيا .. ولا أحد يعلم السبب في ذلك، ولله في خلقه شؤون.

هذا ما أكده لنا العشّاب يوسف بن سليمان القرشوبي من أهالي ولاية نخل، حيث يشير إلى أن هذه الزهرة تتقاسم المشاعر مع الإنسان، فهي تحزن إذا تمت معاقبتها بالعصا، وتعبر عن ذلك الحزن بتساقط أزهارها الواحدة تلو الأخرى وبغزارة، والواقع أنه قد يكون هناك تفسير علمي لهذه الزهرة، وتحتاج إلى دراسة أكثر عمقا لكشف حقيقتها.

ويضيف يوسف القرشوبي: أن هناك العديد من النباتات البرية في السلطنة، والتي أودع الله بها بعض الأسرار، فمثلا هناك زهرة لو أطعمتها للأسماك فإنها تطفو على سطح الماء، ويسهل اصطيادها باليد، كما أن هناك زهور تتغذى على الحشرات، إذ تغلق عليها بعد أن تكون متفتحة. وهناك أخرى تفرز مواد كيماوية لها روائح عجيبة .

تجدر الإشارة إلى أن محافظة جنوب الباطنة، تمتلك كنزا كبيرا من هذه النباتات البرية والشجيرات، التي شكلت غطاءً نباتيا شبيها بالأحراش، تضم أنواعا مختلفة من نباتات الحرمل والشوع، ونباتات الضجع التي تستخرج منها الزيوت والأدوية المستخدمة في الطب البديل، إضافة إلى نباتات الصرمل الذي يعتبر من أنواع الريحان البري، ونباتات الخرماء والظفرة البرية، التي تعد المرعى المناسب للإبل والماشية.

وبالمصادفة وبينما نحن في طريق العودة من محافظة جنوب الباطنة، لفتت انتباهنا تلك الزهور الأرجوانية اللون على جانبي الطريق في ولاية بركاء، ووادي المعاول، وولاية نخل، فهي تنمو بعد هطول الأمطار بحوالي شهر، وتضفي على الأحراش العشبية، لمسة جمالية نادرة تتقاسمها مع بعض أزهار الظفرة القرمزية اللون. حيث يطيب لتلك النباتات النمو في الهضاب الصخرية التي تشكل لسيقانها وتربتها الحماية اللازمة.

وتنتمي تلك الأزهار الأرجوانية وفق ما أشار مختصون في علم النبات وبعض العشّابين المحليين، إلى إحدى فصائل النباتات البرية، المتعارف عليه في مختلف دول الخليج العربي باسم الحماض أو الحميض. أما الاسم اللاتيني لتلك الزهور الأرجوانية فهو (روميكس فازيكاريوس).

كما تنمو على جانبي الطريق الكثير من أعشاب الحدمدم، والتي تتحول هي الأخرى تدريجيا من اللون الأخضر إلى اللون الأرجواني قبل أن تبدأ بالجفاف التدريجي، إذ أنها ترسم لوحة جمالية في كل مرحلة من مراحل عمرها القصيرالزاهي بالجمال.

حول طبيعة تلك النباتات، يحدثنا المهندس الزراعي سليمان بن علي الغيثي قائ ا: إن هناك العديد من الزهور التي لها أسرارها، والتي يرجع تفسيرها إلى حقائق علمية لم تأت بالصدفة، ولحكمة يعلمها الله تعالى، وبعضها يحتاج إلى دراسات عميقة، ومثلا نبات الحدمدم يتم التعرف عليه مباشرة بلون زهوره الأرجوانية وسيقانه الرفيعة الأرجوانية، وعادة ما تظهر خلال الفترة من فبراير وحتى نهاية شهر مارس، خاصة في الأماكن والسهول الساحلية بالسلطنة، وتحديدا عقب هطول الأمطار، ولديها بذور دقيقة بنفسجية اللون، ويمكن لنباتات الحدمدم أن تنمو حتى تصل سيقانها الدقيقة إلى حوالي المتر، خاصة في المواسم الخصبة. وتعتبر تلك من الأحراج التي شكلتها مجموعات من نباتات دقيقة تعرف علميا بنبات (الحدمدم) التي تميل إلى اللون البنفسجي، التي قلما تنمو في جبال الحجر الغربي، على الرغم من أنها عادة ما ترى في الشريط الساحلي، فقد ظهرت هذه المرة بشكل ملحوظ على ضفتي الشارع الذي يربط بين ولايتي نخل ووادي المعاول وصولا إلى ولاية العوابي. إذ نمت مثل تلك النباتات بعد هطول الأمطار الأخيرة على جبال الحجر الغربي، وتعرف هذه النباتات علميا باسم Boerhavia elegans أو (Hadimdam).

وسيقانها هشة جدا إلا أنها تحافظ على طبيعة لونها الذي يتراوح بين البنفسجي والوردي لفترة طويلة، يمكن أن تتغير إلى لون خشبي بعد فترة الجفاف. ويطيب لها النمو بين الحشائش الخضراء وأسفل الأشجار الكبيرة؛ لذلك فهو يعرف عنه بأنه تعايشي مع النباتات الأخرى، وتنمو سيقانه على شكل عيدان زوجية، كما ينمو نبات الحدمدم أيضا على مصارف المياه، ومجاري الأودية، وحتى على المنحدرات الصخرية، وتمتاز بأن زهورها وأوراقها الصغيرة تنمو مباشرة ملتصقة فوق الساق دون أن يكون لديها عيدان فرعية. وبالفعل إنها زهور ونباتات قد نمر عليها مرور الكرام، إلا أنها تخبئ بين طياتها كنوز من الأسرار المغلفة بالإعجاب، ناهيك عن أنها ترسم لوحة أتقنها الباري عز وجل، تستوقف الزائر؛ لتحدثه عن جمال لا يتواجد إلا بين هذه الهضاب الغناء.