حوارات

التاريخ: 2016-05-01
الفريق أول متقاعد الشيخ علي بن ماجد المعمري

الفريق أول متقاعد الشيخ علي بن ماجد المعمري

* التطور الذي شهدته السلطنة خلال ال 46 عاما واضح للعيان .
* الفروسية والهجن اهتمام أصيل لدى الجميع في عمان .
* بعض الممارسات تضر بصحة الإبل ولا علاقة لها بالتراث .
* لم انقطع عن التواصل مع المجتمع بمختلف فئاته .
* مجلة أصايل لاشك أنها متميزة حقا .

عندما يكون الحديث عن شخصية متميزة كشخصية الفريق أول متقاعد الشيخ علي بن ماجد المعمري، يكون قرارٌ بأن يأخذ الحديث بُعدا آخر يشير إلى مرتكزات ومبادئ أساسيّة تجسّدت في أبعاد شخصيته، مخلصاً لوطنه وسلطانه لما يزيد عن أربعة عقود من الزمن، تولدت عنها خبرة واسعة النطاق في مجالات شتى قدمها لنا في السطور التالية على طبق من ذهب. ولو بحثنا عنها في أمّهات الكتب قد لا نجدها مجتمعة ومتسلسلة بهذه الصورة المثرية المشوقة؛ لأنها جاءت مستنيرة بفكر سديد، واسع الأفق والرؤى، ملؤه العزيمة والقدرة على التضحية، هو فكر حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - الذي يُعتبر القدوة لكل عماني يعيش على هذه الأرض الطيبة. وخرجت من صدر معاليه الرحب ذي السعة والإخلاص لعمانَ ولقائدها وشعبها، فشخصيته تعطي الجانب الفكري والتراثيّ العمانيّ مساحة من الاهتمام، وله طرقه الخاصة في التعامل مع كلّ من هذه الجوانب التي تعكس مدى حبه لها، سواء على مستوى التراث أو الخيل أو الهجن أو غيرها. إضافة إلى ذلك تقديمه لمجموعة من النصائح الثمينة لبعض الممارسات غير المرغوبة التي لا تمسّ للتراث بأية صلة .

الفريق أول متقاعد الشيخ علي بن ماجد المعمري:


- كيف ترى التطور الذي شهدته السلطنة خلال ( 46 ) عام ؟ً وما أهم ملامح مسيرة عُمان الخير بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم  حفظه الله ورعاه  ؟


التطور الذي شهدته السلطنة خلال ال 46 عاما واضح للعيان، ولا يحتاج إلى إيضاح؛ لأن ما تحقق من منجزات كبيرة على أرض السلطنة لم يكن ليتحقق لولا وجود قيادة حكيمة مستنيرة متمثلة في شخص مولانا جلالة السلطان المعظم، وتلبية أبناء الوطن لنداء الواجب الوطني، الذين نذروا أنفسهم لخدمة عمان بكل عزيمة وإصرار في كل مناحي الحياة، وكذلك جيل الشباب جيل النهضة الذين نهلوا من العلوم والمعارف من مختلف المدارس والمعاهد والجامعات في عمان وخارجها؛ ليواصلوا مسيرة البناء والتعمير والارتقاء بالب اد إلى مصافّ الدول المتقدمة.


- ماذا تعني لك شخصية حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم  حفظه الله ورعاه - ؟


إن شخصية جلالة السلطان تعني الكثير لي ولكل العمانيين، إنها القدوة في العزيمة، والتضحية، والثبات على المبادئ التي اختطها في قيادته لبلادنا، والتسامح، والعفو، والصدق في الأقوال والأفعال، والحب الصادق للوطن والمواطنين كافة بلا استثناء، فمهما تحدثنا على هذه الشخصية الفذة فلن نوفيها حقها، ونترك ذلك للتاريخ ليتحدث عنها من منظوره التوثيقي.


- حدثنا عن اهتمامك بمجال التراث والوثائق والمحفوظات بشكل عام. وماذا تقول عن اهتمام السلطنة بهذا الجانب من خ ال وزارة التراث والثقافة، والهيئة الوطنية للوثائق والمحفوظات؟


إن اهتمامي بالتراث كما هو لدى الكثير من العمانيين، وأن أول من أهتم بالتراث العماني هو مولانا جلالة السلطان المعظم، حيث أنشأ له وزارة في بدايات النهضة العمانية الحديثة؛ لما لها من أهمية خاصة لدى جلالته، ليوثق تاريخ عمان، ويظهر ما خفيَ على البعض، سواء أكان داخل السلطنة أم خارجها، فهو يتحدث عن تاريخ وحضارة ليست وليدة اليوم ولكنها قديمة قدم الإنسان. أما إنشاء الهيئة العمانية للوثائق والمحفوظات الوطنية فهي إضافة جديدة مهمة لتوثيق هذا التراث العظيم، كما أن هناك
جهودا أخرى خاصة تُعنى بهذا الجانب في حفظ المخطوطات العمانية التاريخية.


- نود أن نتعرف على اهتمامك بالفروسية والهجن كونهما وجهان لعملة واحدة، ومن الرياضات الأصيلة في تاريخ الإنسان العماني؟ وماهو الأقرب إلى نفسكم؟


الفروسية والهجن اهتمام أصيل لدى الجميع في عمان؛ فإذا رجعنا إلى الماضي البعيد نجد أن التنقل والسفر على ظهور الإبل وصهوات الجياد، وكذلك في الحروب التي نشأت في ذلك الوقت، سواء أكانت في زمن الفتوحات الإسلامية، أو في الدفاع عن الأوطان، فهما الوسيلة الوحيدة في ذلك الوقت للتنقل والترحال، أما الآن واعترافا بدور الفروسية فقد اهتم جلالة السلطان المعظم بهذا التراث العريق، وجلب أفضل أنواع الخيول العربية من مناطق مختلفة من العالم، بالإضافة إلى الموجود منها أصلا  في عمان، وخصص لها اليوم الأول من كل عام ميلادي ليكون يوما للفروسية بما يحمله من معاني ودلالات، يحضره جلالته شخصيا، وكبار رجالات الدولة وجمع غفير من المواطنين؛ ليبدأ عاما جديدا من أعوام النهضة العمانية على وقع سنابك الخيل )رمز القوة والعزة والأصالة(. كما انتشرت سباقات الخيل في كافة محافظات السلطنة ومناطقها، وكثرت المرابط الخاصة بها وفي هذا دلالة واضحة لذي التفكر. أما ما هو الأقرب إليَّ فكلاهما قريبان: فالخيل مثلا لدي حقل توليد للخيول العربية الأصيلة يسمى (مربط الريف) في ولاية صحم، والإبل لديَّ من مختلف سُ الات الهجن العمانية، وهي موجودة في ولاية أدم وولاية صحم، وهذا دلالة على قربهما مني، وقربي منهما. إن المحافظة على هذا التراث أمر ضروري، ولكن بدون ابتداع ماهو غير محبب ومطلوب كما نشاهد في أيامنا هذه، وهنا أود من خلال مجلة أصايل أن أقول: إن بعض الممارسات تضر بصحة هذا الحيوان الصبور وخاصة الإبل، مثل ما يسمى (المحالب) أي يُحصر الحليب في ضرع الناقة مع إطعامها بعض ما يأكله الإنسان من فواكه ومواد مدرَّه للحليب والسكر في الماء، وما شابه ذلك، ومن ثم تحلب بكميات كبيرة ومصيرها الأرض فهل هذا من التراث في شيء!

 

أيضا هناك ممارسة أخرى وهي أخذ ابن الناقة (الحاشي) من بين أكناف أمه ليتم تجربته ومعرفة قدراته على المشاركة في السباق من عدمها، ويحرم من قربه من أمه وقرب أمه منه، إضافة إلى ذلك يحرم من حليبها ورعايتها، وإذا لم يكن بالمستوى المطلوب يترك دون عناية أو اهتمام، فهل هذا من التراث!


كذلك تحميل الجمل في بعض محافظات السلطنة مالا طاقة له به من أكياس الأرز، وما وازنها، والجمل الذي يحمل أكثر يكون هو الفائز على حساب عموده الفقري، وصحته بشكل عام، فهل هذا من التراث! إننا من هذا المنبر نناشد الجميع بالكف عن هذه الممارسات التي لا ترحم هذا الحيوان الصبور.


- الرماية رياضة محببة لدى الكثير، وهي رياضة الآباء والأجداد. أين موقعها في حياتك الشخصية؟

الرماية رياضة محببة لدى الكثير من أبناء الوطن، ويجب المحافظة عليها، وذلك يكون بطريقة آمنة لا تؤذي ولا تسبب خطرا على الآخرين، وأنا أمارسها كلما سنحت لي الظروف والمكان بذلك.


- كيف ترى تطور رياضات الآباء والأجداد والمحافظة عليها في السلطنة؟

بحمد الله أن الكل يحافظ على رياضات الآباء والأجداد على المستوى الحكومي والخاص.

 

- ما الرياضات المحببة لديكم سواء من ناحية الحضور والمشاهدة، أو من ناحية الممارسة؟

كنت أركب الهجن والخيل، أما الآن اكتفي بالعناية بها وتربيتها.


- ماذا يعني لك الشعر؟ وأي المجالات الأقرب عندك؟ وهل يوجد لديكم ديوان مطبوع؟

الشعر ديوان العرب، وكل عربي إما أن يكتب الشعر الفصيح أو النبطي، أو يتذوق الشعر ويحبه، وأنا من الذين يحبون الشعر ويتذوقونه، أقرا كثيرا في كتب الشعر القديم والحديث؛ لما في الشعر من الفصاحة والحكمة.


- التواصل مع المجتمع وأبنائه جزء من حياتك الشخصية، كيف تمكنت من المحافظة على هذا الجانب على الرغم من انشغالاتك وارتباطاتك العديدة؟

لم انقطع عن التواصل مع المجتمع بمختلف فئاته في كل الأوقات؛ وذلك لأيماني بأن الإنسان لن يستطيع التعّرف على أحوال الناس ومايدور في خلدهم إلا بالتواصل والزيارات المستمرة؛ للوقوف على المستجدات في حياة الناس وفي مطالبهم وتطلعاتهم، وهذا ما يجب على كل مسؤول أن يقوم به، على اخت اف المسؤوليات والمهام.


- الترحال والتخييم والصحراء مفردات اعتدتم عليها منذ زمن طويل. فأين موقعها في حياتكم الشخصية ؟

الصحراء والترحال فيها متعة في الأوقات المناسبة من العام، فهي سعة الخيال، والنظر في الأمور بمنظور يختلف عن النظر إليها من مدينة مزدحمة وجدران ضيقة، وأنا شخصيا أجد فيها متنفسا يمحو متاعب حياة العمل، وعيش المدن كذلك. وقد تجولت في عمان من شمالها إلى جنوبها، ولم أترك منطقة إلا وزرتها، ولا طريقا معبدا كان أو
ممهدا إلا وقطعته، بما في ذلك رمال الربع الخالي الواقعة في أراضي السلطنة، كانت أياما جميلة مليئة بالحيوية والنشاط.

 

- كيف ترون الاهتمام بالتراث العماني المادي من قلاع وحصون وغيرها؟ وكذلك التراث غير المادي مثل الحِرف والفنون التقليدية؟ وماذا ينقصها حتى تكون أكثر تطوراً وتسهم في إثراء السياحة الداخلية وتكون مصدر اقتصاد يُعتمد عليه كباقي دول العالم؟

لقد اهتمت الحكومة بالتراث العماني بكل فروعه المادي منها وغير المادي، وقامت بترميم القلاع والحصون لتبقى شاهدا على عظمة التاريخ العماني على مر العصور، وهي اليوم شامخة شموخ أبنائها وقيادتها. أما ما يختص بالحرف والفنون التقليدية فالقائمون عليها هم الأعلم بما يجب أن تكون عليه لجذب السياحة.


- كيف تمكنتم من غرس حب الفروسية والهجن في نفوس أبنائكم؟

الفروسية والهجن لايمكن غرسها في نفوس الأبناء بمجرد الغرس، ولكن من الممكن أن تحببها إليهم باصطحابهم إلى مرابط الخيل، والسباقات، وحظائر الإبل، وتعليم الركوب، وقضاء أوقات طيبة في الأوقات المناسبة من العام، وأن تمنحهم أحد خيول السباق أو إحدى النوق، وهكذا تحبب إليهم هذه الرياضة وهذه الهواية.


- كلمة توجهونها لشباب اليوم وأجيال المستقبل العماني؟

الكلمة التي نوجهها لشباب اليوم أولا الاهتمام بالعلم والمعرفة؛ لأنهما هما المستقبل للأجيال القادمة، والأخذ بما هو مفيد من المعارف والعلوم، وترك غير المفيد منها، والتحلي بالأخلاق الفاضلة، والتمسك بالثوابت الوطنية، وحب الوطن والتفاني من أجله، وعدم الالتفات إلى مايعكر صفو العلاقة بين أفراد المجتمع، وأن يتحلوا بروح التسامح والتوادِّ والتراحم.

 


- ما هو رأيكم في مجلة أصايل كمجلة متخصصة في مجال الفروسية والهجن والتراث، وهي تتجاوز عقدها الأول بكل ثبات وإصرار نحو توثيق التاريخ العماني؟

مجلة أصايل لاشك أنها متميزة حقا، ولقد بذلت جهودا كبيرة لتخرج بصورتها الراقية الجميلة، والتي لاتقل جودة من مثيلاتها في البلدان الأخرى، ونحن سعداء بأن نراها بهذا المستوى الممتاز، ونشكر القائمين عليها جزيل الشكر؛ لما لها من دور بارز في إظهار التراث العماني ونشره؛ ليصل إلى كل مكان في الب اد العربية والأجنبية؛ كي يطلع عليها المهتمون بالتراث والثقافة في كافة الأقطار، ونتمنى لكم التوفيق والنجاح الدائم بإذن الله.

 

لقراءة اللقاء كاملا يرجى تصفح العدد 41، من صفحة 19 - 31.