مقابلات

التاريخ: 2014-07-01
حارث بن سيف بن حارث الخروصي

حارث الخروصي "نعتز بتراثنا العُماني وثقافتنا ونفاخر بها بين الأمم"

هناك الكثير من الشباب العُماني الطموح الذي يسعى إلى الحفاظ على التراث العُماني العريق، وجمع المقتنيات التاريخية والأثرية. مجلة أصايل التقت بالفاضل حارث الخروصي الذي يمثل أحد هؤلاء الشباب الطموح، وأجرت معه هذه المقابلة.

 

- نرحب بك أخي حارث في مجلة أصايل، مجلة الأصالة والتراث فأهلا وسهلاً بك.

أهلا بك أخ يونس، وأود أن أشكر مجلة أصايل على هذه الإطلالة، ونحن نشكر مجلة أصايل على هذا اللقاء.

 


- لنقترب منك أكثر، عرفنا وعرف القراء عليك.

أنا حارث بن سيف بن حارث الخروصي، من مواليد ولاية صحار 3891 م، وتخرجت في جامعة السلطان قابوس، تخصص الهندسة المدنية، وأعمل الآن في القطاع الخاص. والدي كان يعمل مدرسا للقران الكريم، وكان أول من تعلمت على يديه وختمت معه القرآن الكريم ت اوة وأحكاما وتفسيرا، وكان والدي سرّ ولعي بالتراث والثقافة؛ فقد كان يمتلك عشرات المخطوطات التي ما تزال موجودة، بالإضافة إلى مئات الكتب العربية النادرة، وقد توفي وترك ما يقرب من سبعمائة كتاب من أمّات كتب التراث العربي والإس امي، ورغم شغفه بالقراءة إلا أنه كان يتحرز من التأليف، فليس له من المؤلفات إلا بضع مؤلفات، أهمها: كتاب الص اة، كما له مدونات حول الأحداث التاريخية، وتحلي ات تاريخية خاصة بتاريخ عُمان ما نزال نحتفظ بها إلى الوقت الحاضر، كما أن له مؤلفا مهما حول علم الفلك القديم، ومطالع النجوم، وقياس الوقت، وحصص تقسيم المياه. وكما أسلفت فقد كان لوالدي الفضل الكبير في ميولي للتراث والثقافة. وكان أول إصدار لي بعنوان: ) بين التاريخ والآثار والجيولوجيا ( وهو مؤلفي الأول، صدر عام 0102 م، يتحدث عن علاقة البيئة بالإنسان؛ فالإنسان يستغل أولاً الموارد الموجودة في بيئته. و من ثم صدرت لي عدة كتب إلكترونية، جعلتها متاحة للقراء إلكترونيا من أهمها: ) الأحجار الكريمة في سلطنة عُمان( وأحسبه كتاب مهماً؛ لأنه يتحدث عن الأحجار الكريمة من النواحي العلمية، ومميزاتها، وصفاتها، والأساليب العلمية للتحليل. كما أن لي مؤلفا إلكترونيا آخر بعنوان: )المقتنيات الأثرية في مجموعة حارث الخروصي( وآخر بعنوان: )الأسلحة القديمة في مجموعة حارث الخروصي( تطرقتُ فيه إلى تطور الس اح بأمثلة حيّة من مجموعتي وآخر مؤلفاتي بعنوان: )العم ات النقدية في مجموعة حارث الخروصي( تطرقتُ فيه إلى شرح علمي من ناحية وزن العم ات، وقياسها، والمعدن الذي سُكّت منه إلى غير ذلك من الأمور العلمية التي تهم هواة جمع العملات والمؤرخين والأثريين.

 

- واضح من المقتنيات التي تمتلكها أنك مولع بجمع هذه
التحف التاريخية. متى بدأت معك هذه الهواية الجميلة؟

ليس هنالك تاريخ معين لبداية هذه الهواية، فهي تطورت عبر عدة مراحل، فكثير من الناس لديهم هواية ما لكنها تظل مختزلة في حدود معينة، إما أن تتطور أو تضمحل. بدايتي كانت عادية جداً كأيّ طفل يجمع العم ات ويفرح عندما يجد عملة عند لعبه، فيتساءل من أين أتت؟ وما اسم هذه العملة؟ إلخ... هكذا كانت البداية، وما يزال التساؤل وازعا لمزيد من البحث والتقصّي.

 

- حبذا لو تخبرنا عن مجموعتك. ماذا تحتوي بالضبط؟

مجموعتي تنقسم إلى عدة أقسام:

أولاً: الأسلحة الأثرية، وتتمثل في الأسلحة وتطورها منذ أسلحة العصر الحجري إلى السيف والرمح والسهم، وصولا إلى بندقية أبو فتيلة، وهي من أوائل البنادق في العالم، ثم بندقية مارتيني هنري، ومارتيني مسقط المعروفة محليا باسم الصَّمع، ثم بنادق مارك المعروفة محليا باسم الكند

ثانيا: العم ات الأثرية، تحتوي مجموعتي على 0007 عملة تقريب بداية من عملة أصلية لخسرو الثاني إمبراطور فارس، وصولاً إلى درهم عباسي ذهبي، بالإضافة إلى عدد كبير من العملات الفضية القديمة لكن أكثر ما في المجموعة هي عم ات ربع آنه التي سُكّت في عهد السلطان فيصل بن تركي بن سعيد بن سلطان بن أحمد البوسعيدي - رحمهم الله -، كذلك عملات متنوعة سُكّت بذات الفترة، أهمها: عملة سُميت شراكة ألمانيا، ضربتها الإمبراطورية الألمانية في شرق إفريقيا، وكان الهدف منها ضرب النفوذ البريطاني في حوض المحيط الهندي لكن لم تؤت أكلها.

ثالثا: المخطوطات، وجُلّ المخطوطات انتقلت الينا من الأجداد التي كان يحتفظ بها والدي - رحمه الله -، ولا شك أنها كانت تمثل حياتهم اليومية وعمليات البيع والشراء والمراسلات الودية والفتاوى والأسئلة العلمية. وأحدى تلك المخطوطات تؤرخ لشراء جدي لمصوغات فضية من سوق نزوى من رجل يسمى عبدالله بن زهران العزري. وقبل سنوات قليلة ذهبت إلى سوق نزوى فسألتُ الصاغة عن هذا الرجل فأخبروني أنه ما يزال يعيش رغم مضي أكثر من ستين عاما على الوثيقة، ونسأل الله تعالى أن يعطيه الصحة والعمر المديد. كذلك اقتنيت عددا من المخطوطات، أهمها: مخطوطا مجهول المؤلف يتحدث عن الفقه المالكي على الأرجح، اشتريته من السوق القديم في تونس. وقد أخبرني الذي باعه لي بأنه لم يبق لديهم الكثير من المخطوطات في تونس؛ بسبب أن السواح الإيطاليين يشترونها، وقد استمروا على ذلك النهج فترة طويلة؛ مما أفقد تونس الكثير من مخطوطاتها القيمة.

رابعا: التحف الجيولوجية والأحجار الكريمة، وهنالك عنصر مهم بين الطبيعة والإنسان، فالإنسان الذي يعيش بقرب البحر يستغل الموارد القريبة منه، كذلك الذي يعيش في مناطق تصلح للزراعة. هذه النظرة البسيطة تعطينا فكرة عن تفاعل الإنسان مع محيطه، فأول الأدوات كانت من الحجر والخشب، وبعدها استخلص الإنسان المعادن من الصخور، وابتكر تشكيلها، فكل ذلك دليلٌ على ارتباط الإنسان بمحيطه.

 

- ما هي أقدم قطعة أثرية، وإلى أي عام تعود؟

أقدم قطعة معروفة عندي قد تكون عملة لخسرو الأول أنوشروان، أي كسرى الأول الملقب بالعادل، تعود للقرن السادس المي ادي. وتوجد لدي عدد من المقتنيات أقدم بكثير، لكن للأسف لا يمكننا تحديد عمرها الحقيقي.

 


- ما هي علاقتك بوزارة التراث والثقافة كونها الجهة ذات الصلة بالتراث؟

الحقيقة علاقتي بوزارة التراث والثقافة محدودة نوعا ما. فقد أسهمتُ شخصيا بعدد كبير من المقتنيات في مشروع المتحف الوطني الذي لم ير النور بعد، ونتمنى أن تشهد وزارة التراث والثقافة مزيداً من التطوير والاهتمام بالموروث الحضاري الكبير لعُمان.

 


- المقتنيات الموجودة بين يديك الآن هل هي للبيع أم لا؟

مقتنياتي ليست معروضة للبيع، ولكن يحصل أن نبيع بعض المقتنيات كما أسلفت، فقد بعتُ عددا من المقتنيات لمشروع المتحف الوطني؛ لإيماننا بأهمية هذا المتحف. أيضا لا أنكر أنني بعت عددا محدودا من المقتنيات بما لا يتعارض مع القوانين المنظمة للمقتنيات الأثرية، خاصة للمهتمين وأصحاب المتاحف من داخل السلطنة وخارجها، ومن أبرزهم المرحوم عبدالله العسكور من إمارة رأس الخيمة الذي كان بحراً في التاريخ، وملما بالأسلحة القديمة واستخداماتها وتطورها ومصادرها.

 

- ألم تفكر في عمل متحف خاص بك؟

فكرة المتحف تراودني منذ فترة طويلة، خاصة أن منطقة الباطنة لا يوجد بها متحف، وقد حصلنا بحمد الله على تصريح مبدئي من وزارة التراث والثقافة، لكن تواجهنا عدة معوقات أهمها المعوقات المادية التي يتطلبها إقامة المشروع، كذلك الحصول على قطعة أرض ملائمة. وللأسف فبعض الجهات الحكومية والخاصة غير متعاونة فيما يخص هذا الجانب، ولا توجد قنوات واضحة بهذا الصدد، رغم قلة عدد المتاحف في سلطنة عمان، وما أحوجنا إلى وجود عدة متاحف في كل ولاية ليس فقط لإط اع الغير على تاريخ وطننا، بل لإط اع الأجيال الصاعدة حول تاريخ وطنهم وأجدادهم، فيكونوا أكثر تمسكاً بهُويتهم في ظل عالم تموج فيه التيارات الفكرية.

 

- ما هي الرسالة التي توجهها إلى القراء في كلمة أخيرة؟

الرسالة التي أوجهها إلى جموع القراء هي الاهتمام بأصالتهم، وتنمية هواياتهم، وأن يضعوا هدف لهم وهو نشر المعرفة في مجتمعاتهم، فإذا جئنا للواقع فإن الإنسان مهتم بتاريخ وثقافة غيره، ومتى ما عرف الإنسان عن أخيه الإنسان أكثر ازداد احترامه له؛ فالإنسان عدو ما يجهل، وحوار الحضارات يجعل الناسَ أكثر فهماً لبعضهم البعض وما أحوجنا إلى تعريف الآخرين بثقافتنا وهويتنا التي نعتز بها ونفاخر بها الأمم والحضارات.

 

لقراءة الموضوع كاملا يرجى تصفح العدد 34، من صفحة 41 - 44.